وقيل المراد من الأمن الأمن من خلود العذاب لا الأمن من العذاب مطلقاً، والموصول مبتدأ واسم الإشارة مبتدأ ثان والإشارة إلى الموصول من حيث اتصافه بما في حيز الصلة وفي الإشارة إليه بما فيه معنى البعد بعد وصفه بما ذكر ما يلا خفى، وجملة ﴿ لَهُمُ الأمن ﴾ من الخبر المقدم والمبتدأ المؤخر خبر المبتدأ الثاني والجملة خبر الأول، وجوز أن يكون ﴿ أولئك ﴾ بدلاً من الموصول أو عطف بيان له و﴿ لَهُمْ ﴾ هو الخبر و﴿ الأمن ﴾ فاعلاً للظرف لاعتماده على المبتدأ، وأن يكون ﴿ لَهُمْ ﴾ خبراً مقدماً و﴿ الأمن ﴾ مبتدأ مؤخراً والجملة خبر الموصول، وجوز أبو البقاء كون الموصول خبر مبتدأ محذوف وقال : التقدير هم الذين ولا يخلو عن بعد والأكثرون على الأول ﴿ وَهُمْ مُّهْتَدُونَ ﴾ إلى الحق ومن عداهم في ضلال مبين، وقدر بعضهم إلى طريق توجب الأمن من خلود العذاب. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿ الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ﴾
هذه الجملة من حكاية كلام إبراهيم على ما ذهب إليه جمهور المفسِّرين فيكون جواباً منه عن قوله :﴿ فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن ﴾ [ الأنعام : ٨١ ].
تولّى جوابَ استفهامه بنفسه ولم ينتظر جوابهم لكون الجواب ممَّا لا يسع المسؤول إلاّ أن يجيب بمثله، وهو تبكيت لهم.
قال ابن عبَّاس : كما يسأل العالم ويُجيبُ نفسه بنفسه، أي بقوله :"فإن قلتَ قلتُ".
وقد تقدّمت نظائره في هذه السورة.
وقيل : ليس ذلك من حكاية كلام إبراهيم، وقد انتهى قول إبراهيم عند قوله ﴿ إن كنتم تعلمون ﴾ [ الأنعام : ٨١ ] بل هو كلام مستأنف من الله تعالى لابتداء حكم، فتكون الجملة مستأنفة استئنافاً ابتدائياً تصديقاً لقول إبراهيم.
وقيل : هو حكاية لكلام صدر من قوم إبراهيم جواباً عن سؤال إبراهيم ﴿ فأيّ الفريقين أحقّ بالأمن ﴾ [ الأنعام : ٨١ ].


الصفحة التالية
Icon