وممن جوّد هذا المبحث الجليل، وبيّن أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان مناظراً لقومه، العلامة الشهرستانيُّ في كتابه " الملل والنحل "، ونحن نسوقه عنه تأييداً لهذا البحث المهم، وتعرّفاً بمعتقد قومه، وما دفعهم إليه، لما فيه من الفوائد.
قال رحمه الله تحت ترجمة " أصحاب الهياكل والأشخاص " : هؤلاء من فرق الصابئة ( وهم المتعصبون الروحانيين )، وقد أدرجنا مقالتهم في المناظرات جملة، ونذكرها ههنا تفصيلاً :
اعلم أن أصحاب الروحانيات، لما عرفوا أن لا بد للإنسان من متوسط، ولا بد للمتوسط من أن يُرى فيتوجه إليه للتقرب به، ويستفاد منه، فزعوا إلى الهياكل التي هي السيارات السبع، فتعرفوا أولاً بيوتها ومنازلها، وثانياً مطالعها ومغاربها، وثالثاً اتصالاتها على أشكال الموافقة والمخالفة، مرتبة على طبائعها، ورابعاً تقسيم الأيام والليالي والساعات عليها، وخامساً تقدير الصور والأشخاص والأقاليم والأمصار عليها، فعملوا الخواتيم، وتعلموا العزائم والدعوات، وعينوا ليوم زحل مثلاً يوم السبت، وراعوا فيه ساعته الأولى، وتختموا بخاتمه المعمول على صورته وصفته، ولبسوا اللباس الخاص به، وبخروا ببخوره الخاص، ودعوا بدعواته الخاصة، وسألوا حاجاتهم منه، الحاجة التي تستدعى من زحل من أفعاله وآثاره الخاصة به.


الصفحة التالية
Icon