نافعاً، والآثار السماوية فيك أظهر منها في هذا المتخذ تكلفاً، والمعمول تصنعاً، فيا لها من حيرة، إذ صار المصنوع بيديك معبوداً لك، والصانع أشرف من المصنوع ﴿ يَا أَبَتِ لا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ ﴾ :﴿ يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطاً سَوِيّاً قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ ﴾ [ مريم ٤٤ - ٤٦ ]. لم يقبل حجته القولية. فعدل عليه الصلاة والسلام إلى الكسر بالفعل، فجعلهم جذاذاً، إلا كبيراً لهم :﴿ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ ﴾ [ الأنبياء : ٥٩ ] ﴿ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ * فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ * ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُؤُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلاءِ يَنْطِقُونَ ﴾ [ الأنبياء : ٦٣ - ٦٥ ]. فأفحمهم بالفعل حيث أحال الفعل على كبيرهم، كما أفحمهم بالقول، حيث أحال الفعل منهم، وكل ذلك على طريق الإلزام عليهم، وإلا فما كان الخليل كاذباً قط، ثم عدل إلى كسر مذاهب أصحاب الهياكل كما أراه الله تعالى الحجة على قومه، قال :﴿ وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ ﴾ فأطلعه على ملكوت الكونين والعالمين تشريفاً له على الروحانيات وهياكلها، وترجيحاً لمذهب الحنفاء على مذهب الصابئة، وتقريراً أن الكمال في الرجال، فأقبل على إبطال مذهب أصحاب الهياكل :﴿ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَباً قَالَ هَذَا رَبِّي ﴾ على ميزان إلزامه على أصحاب الأصنام :﴿ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا ﴾ وإلا فما كان الخليل كاذباً في هذا القول، ولا مشركاً في تلك الإشارة، ثم استدل بالأفول والزوال