وثالثها : إلا أن يشاء ربي فأخاف ما تشركون به بأن يحييها ويمكنها من ضري ونفعي ويقدرها على إيصال الخير والشر إلي، واللفظ يحتمل كل هذه الوجوه، وحاصل الأمر أنه لا يبعد أن يحدث للإنسان في مستقبل عمره شيء من المكاره، والحمقى من الناس يحملون ذلك على أنه إنما حدث ذلك المكروه بسبب أنه طعن في إلهية الأصنام، فذكر إبراهيم عليه السلام ذلك حتى لو أنه حدث به شيء من المكاره لم يحمل على هذا السبب.
ثم قال عليه السلام :﴿وَسِعَ رَبّى كُلَّ شَىْءٍ عِلْماً﴾ يعني أنه علام الغيوب فلا يفعل إلا الصلاح والخير والحكمة، فبتقدير : أن يحدث من مكاره الدنيا فذاك، لأنه تعالى عرف وجه الصلاح والخير فيه لا لأجل أنه عقوبة على الطعن في إلهية الأصنام.
ثم قال :﴿أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ﴾ والمعنى : أفلا تتذكرون أن نفي الشركاء والأضداد والأنداد عن الله تعالى لا يوجب حلول العقاب ونزول العذاب، والسعي في إثبات التوحيد والتنزيه لا يوجب استحقاق العقاب. والله أعلم. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٤٨ ـ ٤٩﴾


الصفحة التالية
Icon