وقال الملوي : الأحسن أن يقال إن قوله تعالى :﴿ لا أُحِبُّ الآفلين ﴾ يتضمن قضية وهي لا شيء من الآفل يستحق العبودية فتجعل كبرى لصغرى ضرورية وهي الإله المستحق للعبودية ينتج لا شيء من الإله بآفل وإذا ضمت هذه النتيجة إلى القضية السابقة وهي هذا آفل ونحوه أنتج من الثاني هذا ليس بإله أو لا شيء من القمر بإله، وإن ضممت عكسها المستوي إليها أنتج من الأول المطلوب بعينه فلا يتعين الثاني في الآية بل الأول مأخوذ منها أيضاً. أ هـ.
فتأمل فيه ولا تغفل. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
وجملة ﴿ إنّي وجَّهْت وَجْهِي ﴾ بمنزلة بدل الاشتمال من جملة ﴿ إنِّي بريء ممّا تشركون ﴾، لأنّ البراءة من الإشراك تشتمل على توجيه الوجه إلى الله، وهو إفراده بالعبادة.
والوجه في قوله :﴿ وجهي ﴾.
و﴿ وجّهت ﴾ مشتقّ من الجهة والوجهة، أي صرفته إلى جهة، أي جعلت كذا جهة له يقصدها.
يقال : وجَّهه فتوجّه إلى كذا إذا ذهب إليه.
ويقال للمكان المقصود وجهة بكسر الواو، وكأنَّهم صاغوه على زنة الهيئة من الوَجه لأنّ القاصد إلى مكان يقصده من نحو وجهه، وفعلوه على زنة الفعلة بكسر الفاء لأنّ قاصد المكان بوجهه تَحْصُل هيئة في وجهه وهي هيئة العزم وتحديقُ النظر.
فمعنى ﴿ وجَّهت وجهي ﴾ صرفتُه وأدرته.
وهذا تمثيل : شبّهت حالة إعراضه عن الأصنام وقصده إلى إفراد الله تعالى بالعبادة بمن استقبل بوجهه شيئاً وقصده وانصرف عن غيره.
وأتي بالموصول في قوله :﴿ للذي فطر السماوات والأرض ﴾ ليومىء إلى علّة توجّهه إلى عبادته، لأنّ الكواكب من موجودات السماء، والأصنامَ من موجودات الأرض فهي مفطورة لله تعالى.