فالقراءتان متقاربتان ؛ لأن من رُفعت درجاته فقد رُفع، ومن رُفع فقد رفعت درجاته، فاعلم.
﴿ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ ﴾ يضع كل شيء موضعه. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ نرفع درجات من نشاء ﴾ أي مراتب ومنزلة من نشاء وأصل الدرجات في المكان ورفعها بالمعرفة أو بالرسالة أو بحسن الخلق أو بخلوص العمل في الآخرة أو بالنبوة والحكمة في الدنيا أو بالثواب والجنة في الآخرة، أو بالحجة والبيان، أقوال أقر بها الأخير لسياق الآية ونوّن درجات الكوفيون وأضافها الباقون ونصبوا المنون على الظرف أو على أنه مفعول ثان، ويحتاج هذا القول إلى تضمين نرفع معنى ما يعدّي إلى اثنين أي نعطي من نشاء درجات.
﴿ إن ربك حكيم عليم ﴾ أي ﴿ حكيم ﴾ في تدبير عباده ﴿ عليم ﴾ بأفعالهم أو ﴿ حكيم ﴾ في تقسيم عباده إلى عابد صنم وعابد الله ﴿ عليم ﴾ بما يصدر بينهم من الاحتجاج، ويحتمل أن يكون الخطاب في ﴿ إن ربك ﴾ للرسول ويحتمل أن يكون المراد به إبراهيم فيكون من باب الالتفات والخروج من ضمير الغيبة إلى ضمير الخطاب على سبيل التشريف بالخطاب. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الخازن :
﴿ نرفع درجات من نشاء ﴾ يعني بالعلم والفهم والعدل والفضيلة كما رفعنا درجات إبراهيم حتى اهتدى إلى محاجَّة قومه.
وقيل : نرفع درجات من نشاء في الدنيا بالنبوة والعلم والحكمة وفي الآخرة بالثواب على الأعمال الصالحة ﴿ إن ربك حكيم عليم ﴾ يعني أنه تعالى حكيم في جميع أفعاله عليم بجميع أحوال خلقه لا يفعل شيء إلا بحكمة وعلم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon