فإضافة الدرجات إلى اسم الموصول باعتبار ملابسة المرتقي في الدرجة لها لأنّها إنّما تضاف إليه إذا كان مرتقياً عليها، والإتيان بصيغة الجمع في ﴿ درجات ﴾ باعتبار صلاحيّة ﴿ من نشاء ﴾ لأفراد كثيرين متفاوتين في الرفعة، ودلّ فعل المشيئة على أنّ التفاضل بينهم بكثرة موجبات التّفضيل، أو الجمعُ باعتبار أنّ المفضّل الواحد يتفاوت حاله في تزايد موجبات فضله.
وقرأه البقية بتنوين ﴿ درجات ﴾، فيكون تمييزاً لنسبة الرفع باعتبار كون الرفع مجازاً في التفضيل.
والدرجات مجازاً في الفضائل المتفاوتة.
ودلّ قوله ﴿ مَن نشاء ﴾ على أنّ هذا التّكريم لا يكون لكلّ أحد لأنّه لو كان حاصلاً لكلّ النّاس لم يحصل الرفع ولا التفضيل.
وجملة :﴿ إنّ ربّك حكيم عليم ﴾ مستأنفة استئنافاً بيانياً، لأنّ قوله :﴿ نرفع درجات من نشاء ﴾ يثير سؤالاً، يقول : لماذا يرفع بعض النّاس دون بعض، فأجيب بأنّ الله يعلم مستحقّ ذلك ومقدار استحقاقه ويخلق ذلك على حسب تعلّق علمه.
فحكيم بمعنى محكم، أي متّقن للخلق والتّقدير.
وقدم ﴿ حكيم ﴾ على ﴿ عليم ﴾ لأنّ هذا التّفضيل مَظهر للحكمة ثمّ عقّب بـ ﴿ عليم ﴾ ليشير إلى أنّ ذلك الإحكام جار على وفق العلم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾