وإيتاء الكتاب يكون بإنزال ما يكتب، كما أنزل على الرسل وبعضضِ الأنبياء، وما أنزل عليهم يعتبر كتاباً، لأنّ شأنه أن يكتب سواء كتب أم لم يكتب.
وقد نصّ القرآن على أنّ إبراهيم كانت له صُحُف بقوله :﴿ صحف إبراهيم وموسى ﴾ [ الأعلى : ١٩ ] وكان لعيسى كلامه الذي كتب في الإنجيل.
ولداوود الكلام الصادر منه تبليغاً عن الله تعالى، وكان نبيئاً ولم يكن رسولاً، ولسليمان الأمثال، والجامعة، والنشيد المنسوب في ثلاثتها أحكامٌ أمر الله بها.
ويقال : إنّ إدريس كتب الحكمة في صحف وهو الّذي يُسمّيه الإسرائليون ( أخنوخ ) ويدعوه القبط ( توت ) ويدعوه الحكماء ( هُرْمس ).
ويكون إيتاء الكتاب بإيتاء الّنبيء فهْم ونبيِينَ الكتب المنزّلة قبله، كما أوتي أنبياء بني إسرائيل من بعد موسى أمثال يحيى فقد قال تعالى له ﴿ يا يحيى خذ الكتاب بقوّة ﴾ [ مريم : ١٢ ].
والحُكم هو الحكمة، أي العلم بطرق الخير ودفع الشرّ.
قال تعالى في شأن يحيى ﴿ وآتيناه الحكم صبياً ﴾ [ مريم : ١٢ ]، ولم يكن يحيى حاكماً أي قاضياً، وقد يفسّر الحكم بالقضاء بالحقّ كما في قوله تعالى في شأن داوود وسليمان ﴿ وكلاً آتينا حُكماً وعلماً ﴾ [ الأنبياء : ٧٩ ].
وإيتاء هذه الثلاث على التّوزيع، فمنهم من أوتي جميعها وهم الرسل منهم والأنبياء الّذين حكموا بين النّاس مثل داوود وسليمان، ومنهم من أوتي بعضَها وهم الأنبياء غير الرّسل والصّالحون منهم غير الأنبياء، وهذا باعتبار شمول اسم الإشارة لآبائهم وذرّيّاتهم وإخوانهم. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٦ صـ ﴾