وقرأ الكوفيون إلا عاصماً "واللَّيْسع".
وكذا قرأ الكسائِيّ، وردّ قراءة من قرأ "والْيَسع" قال : لأنه لا يقال اليَفْعَل مثل الْيَحْيَى.
قال النحاس : وهذا الردّ لا يلزم، والعرب تقول : الْيَعْمَل والْيحْمَد، ولو نكّرت يحيى لقلت اليحيى.
وردّ أبو حاتم على من قرأ "اللَّيْسع" وقال : لا يوجد لَيْسع.
وقال النحاس : وهذا الرّد لا يلزم، فقد جاء في كلام العرب حَيْدَر وزَيْنَب، والحَقُّ في هذا أنه اسم أعجمِيّ، والعُجْمة لا تؤخذ بالقياس إنما تؤخذ سماعاً والعرب تغيّرها كثيراً، فلا يُنكر أن يأتي الإسم بلغتين.
قال مَكِّيّ : من قرأ بلامين فأصل الاسم لَيْسع، ثم دخلت الألف واللام للتعريف.
ولو كان أصله يسع ما دخلته الألف واللام ؛ إذ لا يدخلان على يزيد ويشكر : اسمين لرجلين ؛ لأنهما معرفتان علَمان.
فأما "ليسع" نكرة فتدخله الألف واللام للتعريف، والقراءة بلام واحدة أحبّ إليّ ؛ لأن أكثر القراء عليه.
وقال المَهْدَوِيّ : من قرأ "اليسع" بلام واحدة فالاسم يسع، ودخلت الألف واللام زائدتين، كزيادتهما في نحو الخمسة عشر، وفي نحو قوله :
وَجَدْنا اليَزِيدَ بنَ الوليد مباركاً...
شديداً بأعباء الخلافة كاهِلُه
وقد زادوها في الفعل المضارع نحو قوله :...
فيستخرج اليَرْبُوع من نافِقَائه
ومن بيته بالشِّيخة الْيَتَقَصّعُ...
يريد الذي يتقصّع.
قال القُشَيْريّ : قرىء بتخفيف اللام والتشديد.
والمعنى واحد في أنه اسم لنبيّ معروف ؛ مثل إسماعيل وإبراهيم، ولكن خرج عما عليه الأسماء الأعجمية بإدخال الألف واللام.
وتوهّم قوم أن اليسع هو إلياس، وليس كذلك ؛ لأن الله تعالى أفرد كل واحد بالذِّكر.
وقال وهب : اليسع هو صاحب إلياس، وكانا قبل زكرياء ويحيى وعيسى.
وقيل : إلياس هو إدريس وهذا غير صحيح لأن إدريس جدّ نوح وإلياس من ذرّيته.
وقيل : إلياس هو الخضر.
وقيل : لا، بل الْيَسع هو الخضر.
"ولوطاً" اسم أعجميّ انصرف لخفّته.
وسيأتي اشتقاقه في "الأعراف". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾