" فصل نفيس فى التعريف بالأنبياء ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) الذين ذكرتهم الآيات السابقة " (١)
قال العلامة مجد الدين الفيروزابادى :
( بصيرة فى ذكر نوح عليه السلام )
ونُوحٌ اسمٌ أَعجمىٌّ، والمشهور صُرْفُه لسُكُونِ وسطِه، وقيل : يجوزُ صرْفُه وتَرْكُ صرْفِه، قال الله تعالى :﴿ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ﴾.
وقيل : عَرَبِىٌّ واشتقاقُه من النَّوْح، ناحَ يَنُوحُ نَوْحاً ونُوَاحاً ونِيَاحاً ونِياحَةً، فقيل له نُوحٌ لأَنَّه أَقْبَلَ على نَفْسه باللَّوم وناح عليها، واختلفوا فى سبب ذلك، فقِيل : سببه أَنَّه عابَ على صورةِ كَلْبٍ وقَبَّحه، فأوحى إِليه هل تَعِيبُ الصُّورَةَ أَو المُصَوِّر؟ فعرف أَنَّه قد أَخْطأَ، واشتغل بلَوْمِ نفسه، وقيل : لأَنَّه دَعا على قومِه بقوله :﴿لاَ تَذَرْ عَلَى الأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّاراً﴾، وقيل : بل لأَنَّه كان يَنُوح على قومه ويتأَسَّفُ كلونهم غَرِقُوا بلا تَوْبَةٍ ورُجوع إِلى الله، وقيل غير ذلك.
وفى الحديث :"إِذا أَرادَ اللهُ بعَبْد خَيْراً أَقامَ فى قَلْبِه نائحَة".
قال :
*سِرْ فى بلاد الله سَيّاحا * وكُنْ على نفسك نوّاحَا*
*وامْشِ بنُورِ فى أَرْضِه * كَفَى بنُور الله مِصْباحَا*
وفى الحديث :"النِّياحَةُ من عَمَلِ الجاهليّة" وفيه :"مَنْ نِيحَ [عليه] يُعَذَّب بما نِيحَ عَلَيْه" يعنى إِذا أَوصَى به.
قال :
*وفَتًى كأَنَّ جَبِينَه قَمرُ الضُّحَى * قامت عليه نَوائِحٌ ورَواجسُ*
*غرسَ الفَسيل مؤمِّلا لِثماره * فما الفَسِيلُ ومات [قَبْلُ] الغارِسُ*
وقد ذكر اللهُ تعالىَ نُوحاً فى القرآن العظيم وسمّاه بثلاثين اسماً، فسمّاه : مُرْسَلاً بقوله :﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ﴾، ورَسُولاً :﴿إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ﴾ ونَذِيراً ومُبِينا :﴿إِنِّي لَكُمْ مِّنْهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ﴾
_________
(١) تقدمت الإشارة إلى ذكر بعضهم كإبراهيم وعيسى ـ عليهما السلام ـ وسيأتى ـ إن شاء الله تعالى ـ ذكر باقيهم كهود وصالح وموسى ـ عليهم السلام ـ كل فى موضعه. بعون الله وتوفيقه.


الصفحة التالية
Icon