فلولا ما أتاهم به موسى عليه السلام ما فاقوهم بفهم، ولا زادوا عليهم في علم، فقال :﴿وعلمتم﴾ أي أيها اليهود بالكتاب الذي أنزل على موسى ﴿ما لم تعلموا أنتم﴾ أي أيها اليهود من أهل هذا الزمان ﴿ولا آباؤكم﴾ أي الأقدمون الذين كانوا أعلم منكم.
ولما كانوا قد وصلوا في هذه المقالة إلى حد من الجهل عظيم، قال مشيراً إلى عنادهم :﴿قل﴾ أي أنت في الجواب عن هذا السؤال غير منتظر لجوابهم فإنهم أجلف الناس وأعتاهم ﴿الله﴾ أي الذي أنزل ذلك الكتاب ﴿ثم﴾ بعد أن تقول ذلك لا تسمع لهم شيئاً بل ﴿ذرهم في خوضهم﴾ أي قولهم وفعلهم المثبتين على الجهل المبنيين على أنهم في ظلام الضلال كالخائض في الماء يعملون ما لا يعلمون ﴿يلعبون﴾ أي يفعلون فعل اللاعب، وهو ما لا يجر لهم نفعاً ولا يدفع عنهم ضراً مع تضييع الزمان. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٧١ ـ ٦٧٣﴾
وقال الفخر :
اعلم أنا ذكرنا في هذا الكتاب أن مدار أمر القرآن على إثبات التوحيد والنبوة والمعاد.
وأنه تعالى لما حكى عن إبراهيم عليه السلام أنه ذكر دليل التوحيد، وإبطال الشرك، وقرر تعالى ذلك الدليل بالوجوه الواضحة شرع بعده في تقرير أمر النبوة، فقال :﴿وَمَا قَدَرُواْ الله حَقَّ قَدْرِهِ﴾ حيث أنكروا النبوة والرسالة، فهذا بيان وجه نظم هذه الآيات وأنه في غاية الحسن. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٥٩﴾