فائدة
قال فى البحر المديد :
الإشارة : يُفهَم من الآية أنَّ من أقَرَّ بإنزال الكتب وآمن بجميع الرسل، فقد قَدَر الله حق قدره وعظَّمه حق تعظيمه. وهذا باعتبار ضعف العبد وعجزه وجهله ؛ وإلاَّ فتعظيم الحق حق تعظيمه، ومعرفته حق معرفته، لا يمكن انتهاؤها، ولا الوصول إلى عشر العشر منها.
قال تعالى ﴿ وَلاَ يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا ﴾ [ طه : ١١٠ ]، وقال :﴿ كَلاَّ لَمَّا يَقْضِ مَآ أَمَرَهُ ﴾ [ عَبَسَ : ٢٣ ] فلو بقي العبد يترقى في المعرفة أبدًا سرمدًا، ما عرف الله حق معرفته، حتى ينتهي إلى غايتها، ولو بقي يعبد أبد الأبد ما قام بواجب حقه.
وقوله تعالى :﴿ قل الله ﴾ استشهد به الصوفيةُ، في طريق الإشارة، على الانفراد والانقطاع إلى الله، وعدم الالفتات إلى ما عليه الناس من الخوض والاشتغال بالأغيار والأكدار، والخروج عنهم إلى مقام الصفا، وهو شهود الفردانية، والعكوف في أسرار الوحدانية. قال ابن عطاء الله لما تكلم على أهل الشهود قال :( لأنهم لله لا لشيء دونه، ﴿ قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون ﴾ ). وقد يُنكِر عليهم من لم يفهم إشارتهم، تجمدًا ووقوفًا مع الظاهر، وللقرآن ظاهر وباطن لا يعرفه إلا الربانيون. نفعنا الله بهم، آمين. أ هـ ﴿البحر المديد حـ ٢ صـ ١٤٤﴾