: الباطل، لقصر عن المعنى أكثر، وقد مضى في المائدة ما ينفع هنا، وإذا نظرت إلى أن السياق لأصول الدين ازداد المراد وضوحاً ﴿وكنتم﴾ أي وبما كنتم ﴿عن آياته تستكبرون﴾ أي تطلبون الكبر للمجاوزة عنها، ومن استكبر عن آية واحدة كان مستكبراً عن الكل، أي لو رأيت ذلك لرأيت أمراً فظيعاً وحالاً هائلاً شنيعاً، وعبر بالمضارع تصويراً لحالهم. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٢ صـ ٦٧٤ ـ ٦٧٥﴾
وقال الفخر :
اعلم أنه تعالى لما شرح كون القرآن كتاباً نازلاً من عند الله وبين ما فيه من صفات الجلالة والشرف والرفعة، ذكر عقيبه ما يدل على وعيد من ادعى النبوة والرسالة على سبيل الكذب والافتراء فقال :﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افترى عَلَى الله كَذِباً﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٦٨﴾
فصل
قال الفخر :
اعلم أنه تعالى عظم وعيد من ذكر أحد الأشياء الثلاثة : فأولها : أن يفتري على الله كذباً.
قال المفسرون : نزل هذا في مسيلمة الكذاب صاحب اليمامة، وفي الأسود العنسي صاحب صنعاء، فإنهما كانا يدعيان النبوة والرسالة من عند الله على سبيل الكذب والافتراء، وكان مسيلمة يقول : محمد رسول قريش، وأنا رسول بني حنيفة.
قال القاضي : الذي يفتري على الله الكذب يدخل فيه من يدعي الرسالة كذباً، ولكن لا يقتصر عليه، لأن العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
فكل من نسب إلى الله تعالى ما هو برىء منه، إما في الذات، وإما في الصفات وإما في الأفعال كان داخلاً تحت هذا الوعيد.
قال : والافتراء على الله في صفاته، كالمجسمة، وفي عدله كالمجبرة، لأن هؤلاء قد ظلموا أعظم أنواع الظلم بأن افتروا على الله الكذب، وأقول : أما قوله : المجسمة قد افتروا على الله الكذب، فهو حق.
وأما قوله : إن هذا افتراء على الله في صفاته، فليس بصحيح.