فائدة
قال الشيخ الشنقيطى :
قوله تعالى :﴿وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا﴾، يتوهم منه الجاهل أن إنذاره ﷺ مخصوص بأم القرى وما يقرب منها دون الأقطار النائية عنها لقوله تعالى: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾، ونظيره قوله تعالى في سورة الشورى: ﴿وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ﴾.
وقد جاءت آيات أخر تصرّح بعموم إنذاره ﷺ لجميع الناس كقوله تعالى: ﴿تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾، وقوله تعالى: ﴿وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ﴾، وقوله: ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً﴾، وقوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاّ كَافَّةً لِلنَّاس﴾، والجواب من وجهين:
الأول: أن المراد بقوله: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ شامل لجميع الأرض كما رواه ابن جرير وغيره عن ابن عباس.
الوجه الثاني: أنا لو سلمنا تسليما جدليا أن قوله: ﴿وَمَنْ حَوْلَهَا﴾ لا يتناول إلا القريب من مكة المكرمة - حرسها الله - كجزيرة العرب مثلا فإن الآيات الأخر نصت على العموم كقوله: ﴿لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً﴾ وذكر بعض أفراد العام بحكم العام لا يخصصه عند عامة العلماء ولم يخالف فيه إلا أبو ثور، وقد قدمنا ذلك واضحا بأدلته في سورة المائدة، فالآية على هذا القول كقوله: ﴿وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ﴾، فإنه لا يدل على عدم إنذار غيرهم كما هو واضح والعلم عند الله تعالى. أ هـ ﴿أضواء البيان حـ ١ صـ ﴾