وإضافة الشفعاء إلى ضمير المخاطبين باعتبار الزعم كما يفصح عنه وصفهم بقوله عز وجل :﴿ الذين زَعَمْتُمْ ﴾ في الدنيا ﴿ أَنَّهُمْ فِيكُمْ ﴾ أي شركاء لله تعالى في ربوبيتكم واستحقاق عبادتكم، والزعم هنا نص في الباطل وجاء استعماله في الحق كما تقدمت الإشارة إليه، ومن ذلك قوله :
تقول هلكنا إن هلكت وإنما...
على الله أرزاق العباد كما زعم. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٧ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى﴾
إن كان القول المقدّر في جملة ﴿ أخرجوا أنفسكم ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ] قولاً من قِبَل الله تعالى كان قوله ﴿ ولقد جئتمونا فرادى ﴾ عطفاً على جملة ﴿ أخرجوا أنفسكم ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ]، أي يقال لهم حين دفعهم الملائكة إلى العذاب : أخرجوا أنفسكم، ويقال لهم : لقد جئتمونا فرادى.
فالجملة في محلّ النّصب بالقول المحذوف.
وعلى احتمال أن يكون ﴿ غمرات الموت ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ] حَقيقة، أي في حين النّزع يكون فعل ﴿ جئتمونا ﴾ من التّعبير بالماضي عن المستقبل القريب، مثل : قد قامت الصّلاة، فإنّهم حينئذٍ قاربوا أن يرجعوا إلى مَحض تصرّف الله فيهم.
وإن كان القول المقدّر قولَ الملائكة فجملة :﴿ ولقد جئتمونا فُرادى ﴾ عطف على جملة :﴿ ولو ترى إذ الظّالمون ﴾ [ الأنعام : ٩٣ ] فانتقل الكلام من خطاب المعتبِرين بحال الظّالمين إلى خطاب الظّالمين أنفسهم بوعيدهم بما سيقول لهم يومئذٍ.
فعلى الوجه الأوّل يكون ﴿ جئتمونا ﴾ حقيقة في الماضي لأنّهم حينما يقال لهم هذا القول قد حصل منهم المجيء بين يدي الله.
و( قد ) للتّحقيق.
وعلى الوجه الثّاني يكون الماضي معبّراً به عن المستقبل تنبيهاً على تحقيق وقوعه، وتكون ( قد ) ترشيحاً للاستعارة.