لطيفة
قال فى ملاك التأويل :
قوله تعالى :"ولقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة "، وفى سورة الكهف :"لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة " ومرمى الآيتين واحد، فيسأل عن زيادة "فرادى " فى آية الأنعام ؟
والجواب والله أعلم : أن ذلك مراعى فيه فى آية الأنعام ما أعقبت به من قوله :"وتركتم ما خولناكم وراء ظهوركم " أى ما أعطيناكم فى الدنيا مما شغلكم عن آخرتكم، ثم قال :"وما نرى معكم شفعاءكم الذين زعمتم أنهم فيكم شركاء " أى منفردين عما كنتم تؤملون من أندادكم ومعبوداتكم من دونه سبحانه، فلرعى هذا المعقب به فى آية الأنعام ما قيل فيها :"ولقد جئتمونا فرادى ".
أما آية الكهف فقبلها قوله تعالى :"ويوم نسير الجبال وترى الأرض بارزة فحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا " ثم قال :"وعرضوا على ربك صفا لقد جئتمونا كما خلقناكم أول مرة " مجردين عن كل متعلق.
ولم يقع هنا ذكر ولا إشارة إلى ما عبد من دون الله فلهذا لم يقع هنا "فرادى " وذلك بين التناسب وعكس الوارد لم يناسب والله أعلم. أ هـ ﴿ملاك التأويل صـ ١٦٤﴾
سؤال : فإن قيل : فقوله :﴿ وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا ﴾ خبر عن ماض، والمقصود منه الاستقبال؟
فعن ذلك جوابان. أحدهما : أنه يقال لهم ذلك في الآخرة فهو على الظاهر إخبار.
والثاني : أنه لتحققه بمنزلة ما كان، فجاز، وإن كان مستقبلاً أن يعبر عنه بالماضي. أ هـ ﴿النكت والعيون حـ ٢ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon