(وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ)، قَدْرُ الشَّيْءِ - بِسُكُونِ الدَّالِ وَفَتْحِهَا - وَمِقْدَارُهُ : مِقْيَاسُهُ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ وَمَبْلَغُهُ، يُقَالُ قَدَرَهُ يَقْدُرُهُ وَقَدَّرَهُ إِذَا قَاسَهُ، وَقَادَرْتُ الرَّجُلَ مُقَادَرَةً قَايَسْتُهُ وَفَعَلْتُهُ مِثْلَ فِعْلِهِ، وَالْقَدَرُ وَالْقُدْرَةُ وَالْمِقْدَارُ الْقُوَّةُ. وَمِنْهُ الْقَدْرُ بِمَعْنَى الْغِنَى وَالْيَسَارِ - وَكَذَا الشَّرَفُ - لِأَنَّ كُلَّهُ قُوَّةٌ كَمَا قَالَ صَاحِبُ اللِّسَانِ، وَكُلُّ مَا تَقَدَّمَ مُخْتَصَرٌ مِنْهُ. (قَالَ) وَقَوْلُهُ تَعَالَى :(وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) أَيْ مَا عَظَّمُوهُ حَقَّ تَعْظِيمِهِ. وَقَالَ اللَّيْثُ : مَا وَصَفُوهُ حَقَّ صِفَتِهِ، وَالْقَدَرُ وَالْقَدْرُ هُنَا بِمَعْنًى وَاحِدٍ انْتَهَى. وَعَزَى الْأَوَّلَ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَرُوِيَ عَنْهُ أَيْضًا أَنَّ الْقَدْرَ هُنَا بِمَعْنَى الْقُدْرَةِ، وَاحِدٌ انْتَهَى. قَالَ : إِنَّ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي الْكُفَّارِ الَّذِينَ لَمْ يُؤْمِنُوا بِقُدْرَةِ اللهِ عَلَيْهِمْ، فَمَنْ آمَنَ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فَقَدْ قَدَرَ اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ. وَعَنِ الْأَخْفَشِ أَنَّ الْمَعْنَى مَا عَرَفُوهُ حَقَّ مَعْرِفَتِهِ. وَعَنْ أَبِي الْعَالِيَةِ : مَا وَصَفُوهُ حَقَّ صِفَتِهِ. وَتَفْسِيرُهُ بِالْمَعْرِفَةِ أَقْوَى، لِأَنَّهُ بِالْمَعْنَى الِاشْتِقَاقِيِّ أَلْصَقُ، وَتَعَلُّقُ الظَّرْفِ " إِذْ قَالُوا " بِفِعْلِهِ أَوْ مَعْنَى نَفْيِهِ أَظْهَرُ، سَوَاءٌ تَضَمَّنَ مَعْنَى الْعِلَّةِ أَمْ لَمْ يَتَضَمَّنْ، وَالْعِبَارَةُ مُحْتَمِلَةُ الْأَمْرَيْنِ، فَمُنْكِرُو الْوَحْيِ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِرُسُلِ اللهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ