وقال أبو حيان :
﴿ وهذا كتاب أنزلناه مبارك ﴾ أي وهذا القرآن لما ذكر وقرر أن إنكار من أنكر أن يكون الله أنزل على بشر شيئاً وحاجهم بما لا يقدرون على إنكاره أخبر أن هذا الكتاب الذي أنزل على الرسول مبارك كثير النفع والفائدة، ولما كان الإنكار إنما وقع على الإنزال فقالوا :﴿ ما أنزل الله ﴾، وقيل :﴿ قل من أنزل الكتاب ﴾ كان تقديم وصفه بالإنزال آكد من وصفه بكونه مباركاً ولأن ما أنزل الله تعالى فهو مبارك قطعاً فصارت الصفة بكونه مباركاً، كأنها صفة مؤكدة إذ تضمنها ما قبلها، فأما قوله :﴿ وهذا ذكر مبارك أنزلناه ﴾ فلم يرد في معرض إنكار أن ينزل الله شيئاً بل جاء عقب قوله تعالى :﴿ ولقد آتينا موسى وهارون الفرقان وضياء وذكرى للمتقين ﴾ ذكر أن الذي آتاه الرسول هو ذكر مبارك ولما كان الإنزال يتجدد عبر بالوصف الذي هو فعل، ولما كان وصفه بالبركة وصفاً لا يفارق عبر بالاسم الدال على الثبوت.
﴿ مصدق الذي بين يديه ﴾ أي من كتب الله المنزلة، وقيل التوراة، وقيل البعث، قال ابن عطية : وهذا غير صحيح لأن القرآن هو بين يدي القيامة. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ وهذا كتاب أنزلناه ﴾ تحقيقٌ لنزول القرآن الكريم بعد إنزال ما بَشَّر به من التوراة، وتكذيبٌ لهم في كلمتهم الشنعاءِ إثرَ تكذيبٍ ﴿ مُّبَارَكٌ ﴾ أي كثيرُ الفوائد وجمُّ المنافع ﴿ مُّصَدّقُ الذى بَيْنَ يَدَيْهِ ﴾ من التوراة لنزوله حسبما وُصِف فيها أو الكتُبِ التي قبله فإنه مصدِّقٌ للكل في إثبات التوحيد والأمرِ به ونفي الشرْك والنهي عنه وفي سائر أصولِ الشرائعِ التي لا تُنسخ. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾