وروي عنه أيضاً أنه قال : قصار النخل اللاصقة عذوقها بالأرض قال الزجاج : ولم يقل ومنها قنوان بعيدة لأن ذكر أحد القسمين يدل على الثاني كما قال :﴿سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الحر﴾ [ النحل : ٨١ ] ولم يقل سرابيل تقيكم البرد، لأن ذكر أحد الضدين يدل على الثاني، فكذا ههنا وقيل أيضاً : ذكر الدانية في القريبة، وترك البعيدة لأن النعمة في القريبة أكمل وأكثر.
والبحث الثالث : قال صاحب "الكشاف" ﴿قِنْوانٌ﴾ رفع بالابتداء ﴿وَمِنَ النخل﴾ خبره ﴿وَمِنْ طَلْعِهَا﴾ بدل منه كأنه قيل : وحاصلة من طلع النخل قنوان، ويجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة أخرجنا عليه تقديره، ومخرجه من طلع النخل قنوان.
ومن قرأ يخرج منه ﴿حب متراكب﴾ كان ﴿قِنْوانٌ﴾ عنده معطوفاً على قوله :﴿حُبَّ﴾ وقرىء ﴿قنوان﴾ بضم القاف وبفتحها على أنه اسم جمع كركب لأن فعلان ليس من باب التكسير. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ٨٨ ـ ٨٩﴾
وقال الآلوسى :
﴿ وَمِنَ النخل ﴾ جمع نخل كما قال الراغب والنخل معروف ويستعمل في الواحد والجمع"، وهذا شروع في تفصيل حال الشجر إثر بيان حال النجم عند البعض.
فالجار والمجرور خبر مقدم.
وقوله سبحانه :﴿ مِن طَلْعِهَا ﴾ بدل منه بدل بعض من كل بإعادة العامل.
وقوله سبحانه :﴿ قنوان ﴾ مبتدأ ؛ وحاصلة من طلع النخيل قنوان، وجوز أن يكون الخبر محذوفاً لدلالة ﴿ أَخْرَجْنَا ﴾ عليه وهو كون خاص وبه يتعلق الجار والتقدير ومخرجه من طلع النخل قنوان.
وعلى القراءة السابقة آنفاً يكون ﴿ قنوان ﴾ معطوفاً على ( حب ) وقيل : المعنى وأخرجنا من النخل نخلاً من طلعها قنوان ( أو ) ومن النخل شيئاً من طلعها قنوان، وهو جمع قنو بمعنى العذق وهو للتمر بمنزلة العنقود للعنب.
وتثنيته أيضاً قنوان ولا يفرق بين المثنى والجمع إلا الإعراب، ولم يأت مفرد يستوي مثناه وجمعه إلا ثلاثة أسماء هذا وصنو وصنوان ورئد ورئدان بمعنى مثل قاله ابن خالويه، وحكى سيبويه شقد وشقدان.