وقال الآلوسى :
﴿ يُخْرِجُ الحى مِنَ الميت ﴾ أي يخرج ما ينمو من الحيوان والنبات والشجر مما لا ينمو من النطفة.
والحب والنوى، والجملة مستأنفة مبينة لما قبلها على ما عليه الأكثر ولذلك ترك العطف وقيل : خبر ثان ولم يعطف للإيذان باستقلاله في الدلالة على عظمة الله تعالى ﴿ وَمُخْرِجُ الميت ﴾ كالنطفة وأخويها ﴿ مِنَ الحى ﴾ كالحيوان وأخويه، وهذا عند بعض عطف على ﴿ فَالِقُ ﴾ لا على ﴿ يُخْرِجُ الحى ﴾ الخ لأنه كما علمت بيان لما قبله وهذا لا يصلح للبيان وإن صح عطف الاسم المشتق على الفعل وعكسه.
واختار ابن المنير كونه معطوفاً على ﴿ يَخْرُجُ ﴾ قال :"وقد وردا جميعاً بصيغة المضارع كثيراً وهو دليل على أنهما توأمان مقترنان وهو يبعد القطع، فالوجه والله تعالى أعلم أن يقال : كان الأصل أن يؤتى بصيغة اسم الفاعل أسوة أمثاله في الآية إلا أنه عدل عن ذلك إلى المضارع في هذا الوصف وحده إرادة لتصوير إخراج الحي من الميت واستحضاره في ذهن السامع وذلك إنما يتأتى بالمضارع دون اسم الفاعل والماضي ألم تر ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاء فَتُصْبِحُ الأرض مُخْضَرَّةً ﴾ [ الحج : ٦٣ ] كيف عدل فيه عن الماضي المطابق لأنزل لذلك، وقوله
: بأني قد لقيت الغول يسعى...
بسهب كالصحيفة صحصحان فآخذه وأضربه فخرت
صريعاً لليدين وللجران...
فإنه عدل فيه إلى المضارع إرادة لتصوير شجاعته واستحضارها لذهن السامع إلى ما لا يحصى كثرة، وهو إنما يجيء فيما تكون العناية فيه أقوى، ولا شك أن إخراج الحي من الميت أشهر في القدرة من عكسه وهو أيضاً أول الحالين والنظر أول ما يبدأ فيه ثم القسم الآخر ناشىء عنه فكان الأول جديراً بالتصوير والتأكيد في النفس ولذلك هو مقدم أبداً على القسم الآخر في الذكر حسب ترتبهما في الواقع، وسهل عطف الاسم على الفعل وحسنه أن اسم الفاعل في معنى المضارع وكل منهما يقدر بالآخر فلا جناح في عطفه عليه.