وفي الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله ﷺ كان يدعو فيقول :" اللَّهُمَّ فالقَ الإصباح وجاعلَ الليل سَكَنا والشمسَ والقمر حُسباناً اقض عني الدَّيْن واغْنِنِي من الفقر وأمْتعني بسمعي وبصرِي وقوّتي في سبيلك " فإن قيل : كيف قال "وأمتعني بسمعي وبصرِي" وفي كتاب النسائيّ والترمذيّ وغيرهما :"واجعله الوارث منّي" وذلك يفنَى مع البدن؟ قيل له : في الكلام تجوّزٌ، والمعنى : اللّهمّ لا تعدمه قبلي.
وقد قيل : إن المراد بالسمع والبصر هنا أبو بكر وعمر ؛ لقوله عليه السلام فيهما :"هما السمع والبصر".
وهذا تأويل بعيد، إنما المراد بهما الجارحتان. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ فالق الإصباح ﴾ مصدر سمي به الصبح، قال الشاعر :
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي...
بصبح وما الإصباح منك بأمثل
( فإن قلت ) : الظلمة هي التي تنفلق عن الصبح كما قال الشاعر :
تفرّي ليل عن بياض نهار....
فالجواب من وجوه : أحدها : أن يكون ذلك على حذف مضاف أي فالق ظلمة الإصباح وهي الغبش الذي يلي الصبح أو يكون على ظاهره ومعناه فالقه عن بياض النهار.
وقالوا : انصدع الفجر وانشق عمود الفجر، قال الشاعر :
فانشق عنها عمود الصبح جافلة...
عدو النحوص تخاف القانص اللحيا
وسموا الفجر فلقاً بمعنى مفلوق أو يكون المعنى مظهر الإصباح إلا أنه لما كان الفلق مقتضياً لذلك الإظهار أطلق على الإظهارفلقاً والمراد المسبب وهو الإظهار، وقيل :﴿ فالق الإصباح ﴾ خالق، وقال مجاهد : الإصباح إضاءة الفجر، وروى ابن أبي طلحة عن ابن عباس أن ﴿ الإصباح ﴾ ضوء الشمس بالنهار وضوء القمر بالليل، وقال الليث والفراء والزجاج : الصبح والصباح والإصباح أول النهار قال : أفنى رياحاً وبني رياح...
تناسخ الإمساء والإصباح


الصفحة التالية
Icon