فائدة
قال الفخر :
إنه قال قبل هذه الآية بقليل ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء﴾ [ الأنعام : ١٠١ ] وقال ههنا ﴿خالق كُلّ شَىْء﴾ وهذا كالتكرار.
والجواب من وجوه :
الأول : أن قوله :﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء﴾ إشارة إلى الماضي.
أما قوله :﴿خالق كُلّ شَىْء﴾ فهو اسم الفاعل، وهو يتناول الأوقات كلها، والثاني : وهو التحقيق أنه تعالى ذكر هناك قوله :﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء﴾ ليجعله مقدمة في بيان نفي الأولاد، وههنا ذكر قوله :﴿خالق كُلّ شَىْء﴾ ليجعله مقدمة في بيان أنه لا معبود إلا هو، والحاصل أن هذه المقدمة مقدمة توجب أحكاماً كثيرة ونتائج مختلفة، فهو تعالى يذكرها مرة بعد مرة، ليفرع عليها في كل موضع ما يليق بها من النتيجة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٠١﴾
سؤال : لقائل أن يقول : الإله هو الذي يستحق أن يكون معبوداً، فقوله :﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ معناه لا يستحق العبادة إلا هو، فما الفائدة في قوله بعد ذلك ﴿فاعبدوه﴾ فإن هذا يوهم التكرير.
والجواب : قوله :﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ أي لا يستحق العبادة إلا هو، وقوله :﴿فاعبدوه﴾ أي لا تعبدوا غيره. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٠١﴾

فصل


قال الفخر :
القوم كانوا معترفين بوجود الله تعالى كما قال :﴿وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السموات والأرض لَيَقُولُنَّ الله﴾ [ لقمان : ٢٥ ] وما أطلقوا لفظ الله على أحد سوى الله سبحانه، كما قال تعالى :﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيّاً﴾ [ مريم : ٦٥ ] فقال :﴿ذلكم الله رَبُّكُمُ﴾ [ إبراهيم : ٣٤ ] أي الشيء الموصوف بالصفات التي تقدم ذكرها هو الله تعالى، ثم قال بعده :﴿رَبُّكُمْ﴾ يعني الذي يربيكم ويحسن إليكم بأصناف التربية ووجوه الإحسان، وهي أقسام بلغت في الكثرة إلى حيث يعجز العقل عن ضبطها، كما قال :﴿وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ الله لاَ تُحْصُوهَا ﴾.
ثم قال :﴿لاَ إله إِلاَّ هُوَ﴾ يعني أنكم لما عرفتم وجود الإله المحسن المتفضل المتكرم فاعلموا أنه لا إله سواه ولا معبود سواه.
ثم قال :﴿خالق كُلّ شَىْء﴾ يعني إنما صح قولنا : لا إله سواه، لأنه لا خالق للخلق سواه، ولا مدبر للعالم إلا هو.
فهذا الترتيب ترتيب مناسب مفيد. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٠١ ـ ١٠٢﴾


الصفحة التالية
Icon