أمِنْ ريحانةَ الداعي السميعُ... وقيل : هو من إضافة الصفةِ المشبهةِ إلى الفاعل للتخفيف بعد نصبِه تشبيهاً لها باسم الفاعل كما هو المشهور أي بديعُ سمواتِه وأرضِه من بَدَع إذا كان على نمطٍ عجيبٍ وشكلٍ فائق وحُسنٍ رائقٍ، أو إلى الظرف كما في قولهم : ثبْتُ العذرِ بمعنى أنه عديمُ النظير فيهما، والأولُ هو الوجه، والمعنى أنه تعالى مبدعٌ لقطري العالم العلويِّ والسفليِّ بلا مادة فاعلٍ على الإطلاق منزّه عن الانفعال بالمرة، والوالدُ عنصرُ الولد منفعلٌ بانتقال مادتِه عنه فكيف يمكن أن يكون له ولد؟ وقرىء بديعَ بالنصب على المدح وبالجر على أنه بدلٌ من الاسم الجليل أو من الضمير المجرورِ في سبحانه على رأي من يُجيزه، وارتفاعُه في القراءة المشهورة على أنه خبرُ مبتدإٍ محذوفٍ أو فاعلُ تعالى، وإظهارُه في موضع الإضمارِ لتعليل الحكمِ، وتوسيطُ الظرفِ بينه وبين الفعل للاهتمام ببيانه، أو مبتدأٌ خبرُه قوله تعالى :﴿ أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ ﴾ وهو على الأولَيْن جملةٌ مستقلةٌ مَسوقةٌ لما قبلها لبيان استحالةِ ما نسبوه إليه تعالى وتقرير تنزُّهِه عنه وقوله تعالى :﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة ﴾ حال مؤكدةٌ للاستحالة المذكورة فإن انتفاءَ أن يكون له تعالى صاحبةٌ مستلزمٌ لانتفاء أن يكون له ولدٌ ضرورةَ استحالة وجودِ الولدِ بلا والدة، وإن أمكن وجودُه بلا والد، وانتفاءُ الأولِ مما لا ريب فيه لأحد فمن ضرورته انتفاءُ الثاني أي من أين أو كيف يكون له ولد كما زعموا والحالُ أنه ليس له على زعمهم أيضاً صاحبةٌ يكون الولدُ منها؟ وقرىء لم يكنْ بتذكير الفعل للفصل أو لأن الاسمَ ضميرُه تعالى، والخبرُ هو الظرفُ وصاحبةٌ مرتفعٌ به على الفاعلية لاعتماده على المبتدإ، أو الظرفُ خبرٌ مقدمٌ وصاحبةٌ مبتدأٌ مؤخرٌ والجملةُ خبرٌ للكون وعلى هذا الوجه يجوز أن يكون الاسمُ ضميرَ الشأنِ لصلاحية الجملةِ حينئذ لأن تكونَ مفسِّرةً لضمير