وقرىء ﴿ بَدِيعُ ﴾ بالنصب على المدح والجر على أنه بدل من الاسم الجليل أو من الضمير المجرور في ﴿ سبحانه ﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ] على رأي من يجوزه، وارتفاعه على القراءة المشهورة على ثلاثة أوجه كما قال أبو البقاء، الأول : أنه خبر مبتدأ محذوف، والثاني : أنه فاعل ﴿ تَعَالَى ﴾ [ الأنعام : ١٠٠ ] وإظهاره في موضع الإضمار لتعليل الحكم، وتوسيط الظرف بينه وبين الفعل للاهتمام ببيانه.
والثالث : أنه مبتدأ خبره قوله سبحانه :﴿ أنى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ ﴾ وهو على الأولين جملة مستقلة مسوقة كما قبلها لبيان استحالة ما نسبوه إليه تعالى وتقرير تنزيهه عنه جل شأنه.
وقوله تعالى :﴿ وَلَمْ تَكُنْ لَّهُ صاحبة ﴾ حال مؤكدة للاستحالة المذكورة ضرورة أن الولد لا يكون بلا والدة أصلاً وإن أمكن وجوده بلا والد أي من أين أو كيف يكون له ولد والحال أنه ليس له صاحبة يكون الولد منها.
وقرأ إبراهيم النخعي ﴿ لَمْ يَكُنِ ﴾ بتذكير الفعل ؛ وجاز ذلك مع أن المرفوع مؤنث للفصل كما في قوله
: لقد ولد الأخيطل أم سوء...
على قمع استها صلب وشام
قال ابن جنى : تؤنث الأفعال لتأنيث فاعلها لأنهما يجريان مجرى كلمة واحدة لعدم استغناء كل عن صاحبه فإذا فصل جاز تذكيره وهو في باب كان أسهل لأنك لو حذفتها استقل ما بعدها.
وقيل : إن اسم ﴿ يَكُنِ ﴾ ضميره تعالى والخبر هو الظرف و﴿ صاحبة ﴾ مرتفع به على الفاعلية لاعتماده على المبتدأ والظرف خبره مقدم و﴿ صاحبة ﴾ مبتدأ والجملة خبر ﴿ يَكُونَ ﴾ وعلى هذا يجوز أن يكون الاسم ضمير الشأن لصلاحية الجملة حينئذ لأن تكون مفسرة للضمير لا على الأول لأنه كما بين في موضعه لا يفسر إلا بجملة صريحة، والاعتراض بأنه إذا كان العمدة في المفسرة مؤنثاً فالمقدر ضمير القصة لا الشأن فيعود السؤال ليس بوارد كعدم اللزوم وإن توهمه بعضهم.