وقال صاحب روح البيان :
﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ﴾
أي : هو مبدع من غير مثال سبق لقطري العالم العلوي والسفلي بلا مادة فعل على الإطلاق منزه عن الانفعال بالمرة والوالد عنصر الولد منفعل بانتقال مادته عنه فكيف يكون له ولد فالفعيل بمعنى المفعل كالأليم والحكيم بمعنى المؤلم والمحكم والإضافة حقيقية وقيل هو من إضافة الصفة المشبهة إلى فاعلها أي بديع سمواته وأرضه من بدع إذا كان على نمط عجيب وشكل فائق وحسن رائق.
﴿أَنَّى يَكُونُ لَه وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّه صَاحِبَةٌ﴾ أي : من أين أو كيف يوجد له ولد والحال أن أسباب الولادة منتفية فإن وجود الولد بلا والدة محال وإن أمكن بلا والد كعيسى عليه السلام والمراد بالصاحبة الزوجة.
﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ﴾ انتظم بالتكوين والإيجاد من الموجودات التي من جملتها ما سموه ولداً له تعالى فكيف يتصور أن يكون المخلوق ولداً لخالقه
﴿وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ﴾ من شأنه أن يعلم كائناً ما كان مخلوقاً أو غير مخلوق.
﴿عَلِيمٌ﴾ مبالغ في العلم أزلاً وأبداً فلا يخفى عليه خافية مما كان وما سيكون من الذوات والصفات والأحوال التي من جملتها ما يجوز عليه تعالى وما لا يجوز من المحالات التي كان ما زعموه فرداً من أفرادها. أ هـ ﴿روح البيان حـ ٣ صـ ٩٨ ـ ٩٩﴾