قال ابن عباس : سببها أن كفار قريش قالوا لأبي طالب : إما أن ينتهي محمد وأصحابه عن سب آلهتنا والغض منها وإما أن نسب إلهه ونهجوه فنزلت، وقيل : قالوا ذلك عند نزول قوله :﴿ إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم ﴾ وقيل : كان المسلمون يسبون آلهتهم فنهوا لئلا يكون سبهم سبباً لسب الله تعالى، وحكم هذه الآية باق في هذه الأمة فإذا كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام أو الرسول أو الله فلا يحل لمسلم ذم دين الكافر ولا صنمه ولا صليبه ولا يتعرض إلى ما يؤدّي إلى ذلك، ولما أمر تعالى باتباع ما أوحي إليه وبموادعة المشركين عدل عن خطابه إلى خطاب المؤمنين، فنهوا عن سب أصنام المشركين ولم يواجه هو ﷺ بالخطاب وإن كان هو الذي سبت الأصنام على لسانه وأصحابه تابعون له في ذلك لما في مواجهته وحده بالنهي من خلاف ما كان عليه ﷺ من الأخلاق الكريمة، إذ لم يكن عليه السلام فحّاشاً ولا صخّاباً ولا سبّاباً فلذلك جاء الخطاب للمؤمنين فقيل :﴿ ولا تسبّوا ﴾ ولم يكن التركيب ولا تسب كما جاء ﴿ وأعرض ﴾ وإذا كانت الطاعة تؤدّي إلى مفسدة خرجت عن أن تكون طاعة فيجب النهي عنها كما ينهى عن المعصية و﴿ الذين يدعون ﴾ هم الأصنام أي يدعونهم المشركون وعبر عن الأصنام وهي لا تعقل بالذين كما يعبر عن العاقل على معاملة مالا يعقل معاملة من يعقل، إذ كانوا ينزلونهم منزلة من يعقل في عبادتهم واعتقادهم فيهم أنهم شفعاء لهم عند الله تعالى، وقيل : يحتمل أن يراد ب ﴿ الذين يدعون ﴾ الكفار وظاهر قوله :﴿ فيسبوا الله ﴾ أنهم يقدمون على سب الله إذا سُبت آلهتهم وإن كانوا معترفين بالله تعالى، لكن يحملهم على ذلك انتصارهم لآلهتهم وشدة غيظهم لأجلها فيخرجون عن الاعتدال إلى ما ينافي العقل كما يقع من بعض المسلمين إذا اشتد غضبه وانحرف فإنه قد يلفظ بما يؤدّي إلى الكفر نعوذ بالله من ذلك، وقال أبو عبد الله الرازي : ربما كان


الصفحة التالية
Icon