ومعنى سبهم لله عز وجل إفضاء كلامهم إليه كشتمهم له ﷺ ولمن يأمره، وقد فسر ﴿ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ بذلك أي فيسبوا الله تعالى بغير علم أنهم يسبونه وإلا فالقوم كانوا يقرون بالله تعالى وعظمته وأن آلهتهم إنما عبدوها لتكون شفعاء لهم عنده سبحانه فكيف يسبونه؟ ويحتمل أن يراد سبهم له عز اسمه صريحاً ولا إشكال بناء على أن الغضب والغيظ قد يحملهم على ذلك ألا ترى أن المسلم قد تحمله شدة غيظه على التكلم بالكفر.
ومما شاهدناه أن بعض جهلة العوام أكثرَ الرافضة سب الشيخين رضي الله تعالى عنهما عنده فغاظه ذلك جداً فسب علياً كرم الله تعالى وجهه فسئل عن ذلك فقال : ما أردت إلا إغاظتهم ولم أر شيئاً يغيظهم مثل ذلك فاستتيب عن هذا الجهل العظيم، وقال الراغب :"إن سبهم لله تعالى ليس ( على ) أنهم يسبونه جل شأنه صريحاً ولكن يخوضون في ذكره تعالى ( فيذكرونه بما لا يليق به ) ( ١ ) ويتمادون في ذلك بالمجادلة ويزدادون في ذكره سبحانه بما ينزه تقدس اسمه عنه، وقد يجعل الإصرار على الكفر والعناد سباً وهو سب فعلي، قال الشاعر
: وما كان ذنب بني مالك...
بأن سب منهم غلام فسب بأبيض ذي شطب قاطع
يقد العظام ويبري القصب...
ونبه به على ما قال الآخر
: ونشتم بالأفعال لا بالتكلم...
وقيل : المراد بسب الله تعالى سب الرسول ﷺ ونظير ذلك من وجه قوله تعالى :﴿ إِنَّ الذين يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ الله ﴾ [ الفتح : ١٠ ] الآية.
وقرأ يعقوب ﴿ عَدُوّا ﴾ يقال : عدا فلان يعدو عدواً وعدواً ( وعداء ) وعدواناً.