وأجيب بأنهم إذا قصدوا بالتلاوة سبهم وغيظهم يستقيم النهي عنها ولا بدع في ذلك كما ينهى عن التلاوة في المواضع المكروهة.
وقال في "الكشف" المعنى على هذه الرواية لا يقع السب منكم بناء على ما ورد في الآية فيصير سباً لسبهم.
وقيل : ما في الآية لا يعد سباً لأنه ذكر المساوي لمجرد التحقير والإهانة وما فيها إنما ورد للاستدلال على عدم صلوحها للألوهية والمعبودية وفيه تأمل، وقريب منه ما قيل : إن النهي في الحقيقة إنما هو عن العدول عن الدعوة إلى السب كأنه قيل : لا تخرجوا من دعوة الكفار ومحاجتهم إلى أن تسبوا ما يعبدونه من دون الله تعالى فإن ذلك ليس من الحجاج في شيء ويجر إلى سب الله عز وجل.
واستدل بالآية على أن الطاعة إذا أدت إلى معصية راجحة وجب تركها فإن ما يؤدي إلى الشر شر وهذا بخلاف الطاعة في موضع فيه معصية لا يمكن دفعها وكثيراً ما يشتبهان، ولذا لم يحضر ابن سيرين جنازة اجتمع فيها الرجال والنساء وخالفه الحسن قائلاً : لو تركنا الطاعة لأجل المعصية لأسرع ذلك في ديننا للفرق بينهما.
ونقل الشهاب عن المقدسي في الرمز أن الصحيح عند فقهائنا أنه لا يترك ما يطلب لمقارنة بدعة كترك إجابة دعوة لما فيها من الملاهي وصلاة جنازة لنائحة فإن قدر على المنع منع وإلا صبر، وهذا إذا لم يقتد به وإلا لا يقعد لأن فيه شين الدين.
وما روي عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه أنه ابتلي به كان قبل صيرورته إماماً يقتضي به.


الصفحة التالية
Icon