فصل
قال الفخر :
ذكروا في تفسير قوله :﴿جَهْدَ أيمانهم﴾ وجوهاً :
قال الكلبي ومقاتل : إذا حلف الرجل بالله فهو جهد يمينه.
وقال الزجاج : بالغوا في الأيمان وقوله :﴿لَئِن جَاءتْهُمْ ءايَةٌ﴾ اختلفوا في المراد بهذه الآية.
فقيل : ما روينا من جعل الصفا ذهباً، وقيل : هي الأشياء المذكورة في قوله تعالى :﴿وَقَالُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حتى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأرض يَنْبُوعًا﴾ [ الإسراء : ٩٠ ] وقيل : إن النبي ﷺ كان يخبرهم بأن عذاب الاستئصال كان ينزل بالأمم المتقدمين الذين كذبوا أنبياءهم فالمشركون طلبوا مثلها.
وقوله :﴿قُلْ إِنَّمَا الأيات عِندَ الله﴾ ذكروا في تفسير لفظة ﴿عِندَ﴾ وجوهاً، فيحتمل أن يكون المعنى أنه تعالى هو المختص بالقدرة على أمثال هذه الآيات دون غيره لأن المعجزات الدالة على النبوات شرطها أن لا يقدر على تحصيلها أحد إلا الله سبحانه وتعالى ؛ ويحتمل أن يكون المراد بالعندية أن العلم بأن إحداث هذه المعجزات هل يقتضي إقدام هؤلاء الكفار على الإيمان أم لا ليس إلا عند الله ؟ ولفظ العندية بهذا المعنى كما في قوله :﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب﴾ [ الأنعام : ٥٩ ] ويحتمل أن يكون المراد أنها وإن كانت في الحال معدومة ؛ إلا أنه تعالى متى شاء إحداثها أحدثها، فهي جارية مجرى الأشياء الموضوعة عند الله يظهرها متى شاء، وليس لكم أن تتحكموا في طلبها ولفظ ﴿عِندَ﴾ بهذا المعنى هنا كما في قوله :﴿وَإِن مّن شَىْء إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ﴾ [ الحجر : ٢١ ]. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١١٧ ـ ١١٨﴾