﴿ قل إنما الآيات عند الله ﴾ هذا أمر بالردّ عليهم وأن مجيء الآيات ليس لي إنما ذلك لله تعالى وهو القادر عليها ينزلها على وجه المصلحة كيف شاء لحكمته وليست عندي فتقترح علي. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله ﴾
روي أن قريشاً اقترحوا بعضَ آيات، فقال رسولُ الله ﷺ :" فإن فعلتُ بعضَ ما تقولون أتصدّقونني؟ " فقالوا : نعم، وأقسموا لئن فعلتَه ليؤمِنُنّ جميعاً فسأل المسلمون رسولَ الله ﷺ أن ينزلها طمعاً في إيمانهم فهمّ عليه الصلاة والسلام بالدعاء فنزلت وقوله تعالى :﴿ جَهْدَ أيمانهم ﴾ مصدرٌ في موقع الحال أي أقسموا به تعالى جاهدين في أيمانهم ﴿ لَئِن جَاءتْهُمْ ءايَةٌ ﴾ من مقترحاتهم أو من جنس الآياتِ وهو الأنسبُ بحالهم في المكابرة والعناد وترامي أمرِهم في العتو والفساد، حيث كانوا لا يعُدّون ما يشاهدونه من المعجزات الباهرةِ من جنس الآيات ﴿ لَّيُؤْمِنُنَّ بِهَا ﴾ وما كان مَرْمى غرضِهم في ذلك إلا التحكمَ على رسول الله ﷺ في طلب المعجزةِ وعدم الاعتدادِ بما شاهدوا منه من البينات الحقيقةِ بأن تُقطعَ بها الأرضُ وتُسيَّر بها الجبالُ ﴿ قُلْ إِنَّمَا الآيات ﴾ أي كلُّها، فيدخُل فيها ما اقترحوه دخولاً أولياً ﴿ عَندَ الله ﴾ أي أمرُها في حُكمه وقضائِه خاصةً يتصرف فيها حسبَ مشيئتِه المبنيَّةِ على الحِكَم البالغةِ لا تتعلق بها ولا بشأن من شؤونها قُدرةُ أحدٍ ولا مشيئتُه لا استقلالاً ولا اشتراكاً بوجه من الوجوه حتى يُمكِنَني أن أتصدّى لاستنزالها بالاستدعاء.


الصفحة التالية
Icon