ومن قرأ "دَرستْ" فأحسن ما قيل في قراءته أن المعنى : ولئلا يقولوا انقطعت وامحت، وليس يأتي محمد ﷺ بغيرها.
وقرأ قتادة "دُرِست" أي قرئت.
وروى سفيان بن عُيينة عن عمرو ابن عبيد عن الحسن أنه قرأ "دارستْ".
وكان أبو حاتم يذهب إلى أن هذه القراءة لا تجوز ؛ قال : لأن الآيات لا تدارِس.
وقال غيره : القراءة بهذا تجوز، وليس المعنى على ما ذهب إليه أبو حاتم، ولكن معناه دارستْ أمّتُك ؛ أي دارستك أمّتك، وإن كان لم يتقدمّ لها ذكر ؛ مثل قوله :﴿ حتى تَوَارَتْ بالحجاب ﴾ [ ص : ٣٢ ].
وحكى الأخفش "وَلِيَقُولُوا دَرُسَتْ" وهو بمعنى "دَرستْ" إلا أنه أبلغ.
وحكى أبو العباس أنه قرىء "ولْيقولوا درست" بإسكان اللام على الأمر.
وفيه معنى التهديد ؛ أي فليقولوا بما شاءوا فإن الحق بيّن ؛ كما قال عز وجل ﴿ فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً ﴾ [ التوبة : ٨٢ ].
فأمّا من كسر اللام فإنها عنده لام كي.
وهذه القراءات كلها يرجع اشتقاقها إلى شيءٍ واحد، إلى التليين والتذليل.
و"درَسْتَ" مِن دَرَس يدرُس دِراسة، وهي القراءة على الغير.
وقيل : درسته أي ذللته بكثرة القراءة ؛ وأصله درسَ الطعامَ أي داسه.
والدِّياس الدّراس بلغة أهل الشام.
وقيل : أصله من درسْتُ الثوبَ أَدْرُسه درساً أي أخلقته.
وقد دَرَس الثوبُ دَرْساً أي أخلق.
ويرجع هذا إلى التذلل أيضاً.
ويقال : سُمِّيَ إدريس لكثرة دراسته لكتاب الله.
ودارست الكتب وتدارستها وادارستها أي درستها.
ودَرستُ الكتاب دَرْساً ودِراسة.
ودرَستِ المرأة درساً أي حاضت.
ويقال : إن فرج المرأة يُكْنَى أبا أَدْراس ؛ وهو من الحيض.
والدَّرْسُ أيضاً : الطريق الخَفِيّ.
وحكى الأصمعيّ : بَعير لم يُدَرَّس أي لم يركب، ودَرست من درس المنزلُ إذا عَفَا.
وقرأ ابن مسعود وأصحابه وأُبَيّ وطلحة والأعمش "ولِيقولوا درس" أي درس محمد الآيات. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾