وقيل : إنه قَصَدَ بالتصريف أن يقولوا : درست عقوبة لهم، يعني : فهذه عِلَّةٌ صَرِيحَة، وقد أوضح بعضهم هذا، فقال : المعنى : يُصَرِّفُ هذه الدلائل حالاً بعد حالٍ ليقول بعضهم : دارست فيزادوا كُفْراً، وتَنْبِيهٌ لبعضهم فَيَزْدادُوا إيماناً، ونحو :﴿ يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً ﴾ [ البقر : ٢٦ ]
وأبو علي جعلها في بَعْضِ القراءات لام الصَّيْرُورَةِ، وفي بعضها لام العلّة ؛ فقال : واللام في " ليقولوا " في قراءة ابن عامر، ومَنْ وافقه بمعنى : لئلاً يقولوا ؛ أي : صُرِّفَت الآيات، وأحْكِمَتْ لئلا يقولوا : هذه أسَاطيرُ الأوَّلينَ قديمة قد بَلِيَتْ وتَكَرَّرَتْ على الأسْماع، واللام على سائر القراءاتِ لام الصَّيْرُورةِ.
قال شهاب الدين : قراءة ابن عامر دَرَسَتْ بوزن أكَلَتْ وسَرَقَتْ فعلاً ماضياً مسنداً لضمير الآيات، وسيأتي تحقيق القراءات في هذا الكلمة مُتَواتِرِهَا وشَاذِّهَا.
قال أبو حيَّان :" وما أجَازَهُ من إضمار " لا " بعد اللام المضمر بعدها " أنْ " هو مذْهَبٌ لبعض الكوفيين، كما أضمروها بعد " أنْ " المُظْهَرَة في ﴿ أَن تَضِلُّواْ ﴾ [ النساء : ١٧٦ ] ولا يجيز البَصْرِيُّونَ إضْمَارَ " لا " في القَسَمِ على ما تَبَيَّنَ فيه ".
ثم هذه " اللام " لا بد لها من مُتعلِّقٍ، فقدَّرَهُ الزمخشري وغيره مُتَأخِّراً، قال الزمخشري :" وليقولوا " جوابه مَحْذُوف، تقديره : وليقولولا دَرَسَتْ تُصَرِّفُهَا.
فإن قلت : أيُّ فَرْقٍ بين اللاَّمَيْنِ في " ليقولوا " و" لنُبَيِّنَهُ " ؟
قال شهاب الدين : الفَرْقُ بينهما أن الأولَى مَجَازٌ، والثانية حَقيقَةٌ، وذلك أن الآيات صُرِفَت للتبيين، ولم تُصْرَفْ ليقولوا : دارست، ولكن لأنه لمَّا حَصَلَ هذا القولُ بتصريف الآيات كما حَصَلَ للتَّبْيينِ شبِّه به فسِيقَ مَسَاقَةُ.
وقيل : ليقولوا كما قيل لِنَبيهِ.


الصفحة التالية
Icon