وقرئ " دَرَّسْتَ " فعلاً ماضياً مسدّداً مبيناً للفاعل المخاطب، فيحتمل أن يكون للتكثير، أي : دّرَّسْتَ الكُتُبَ الكثيرة كـ " ذبَّحت الغنم "، و" قَطَّعْتُ الأثواب " وأن تكون للتَّعديَةِ، والمفعولان محذوفان، أي : دَرَّسْتَ غيرك الكتاب، ولي بظاهرٍ ؛ إذ التفسير على خلافه.
وقُرِئ دُرِّسْتَ كالذي قبله إلا أنه مَبْنيُّ للمفعول، أي : دَرَّسَكَ غَيْرُكُ الكتب، فالتضعيف للتعدية لا غير.
وقرئ " دُوْرِسْتَ " مسنداً لتاء المُخاطبِ من " دَارَس " كـ " قاتل " إلا أنه بُنِيَ للمفعول، فقلبت ألِفُهُ واواً، والمعنى : دارسَكَ غَيْرُكَ.
وقرئ " دَارَسَتْ " بتاء ساكنة للتأنيث لَحِقَتْ آخر الفعل، وفي فاعله احتمالان :
أحدهما : أنه ضمير الجَمَاعَةِ أضْمِرَتْ، وإن لم يَجْرِ لها ذِكْرٌ لدلالة السياق عليها أي : دراستك الجمَاعةُ يُشيرون لأبي فكيهة، وسلمان، وقد تقدَّم ذلك في قراءة ابن كثير، وأبي عمرو رحمها الله تعالى.
والثاني : ضمير الإناث على سبيلِ المُبالغةِ، أي : إن الآيات نفسها دارَسَتْكَ، وإن كان المراد أهْلَهَا.
وقرئ " دَرُسَتْط بفتح الدال، وضم الراء مُسْنَداً إلى ضمير الإناث، وهو مُبالغةٌ في " دَرَسَتْ " بمعنى : بَلِيَتْ وقدُمَتْ وانمحَتْ، أي : اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا.
وقرأ أبَيُّ " دَرَسَ " وفاعله ضمير النَّبِيِّ ﷺ، أو ضمير الكتاب بمعنى قرأهُ النَّبِيُّ، وتلاهُ، وكُرِّرَ عليه، أو بمعنى بلي الكتاب وامَّحى، وهكذا في مصحف عبد الله " دَرَسَ ".
وقرأ الحسنُ في رواية " دَرَسْنَ " فعلاً ماضياً مسنداً لنون الإناثِ هي ضمير الآياتن وكذا هي في بَعضِ مصاحفِ ابن مسعود.
وقرئ " دَرَّسْنَ " كالذي قبله إلا أنه بالتَّشديد بمعنى اشتدَّ دُرُوسُهَا وبلاهَا، كما تقدم.


الصفحة التالية
Icon