وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ اتبع ما أوحي إليك من ربك ﴾
الخطاب للنبي ﷺ يعني اتبع يا محمد ما أمرك به ربك في وحيه الذي أوحاه إليك وهو القرآن فاعمل به وبلغه إلى البادي ولا تلتفت إلى قول من يقول : دارست أو درست.
وفي قوله اتبع ما أوحي إليك من ربك تعزية لقلب النبي ﷺ وإزالة الحزن الذي حصل له بسبب قولهم درست ونبه بقوله تعالى :﴿ لا إله إلا هو ﴾ أنه سبحانه وتعالى واحد فرد صمد لا شريك له وإذا كان كذلك فإنه تجب طاعته ولا يجوز تركها بسبب جهل الجاهلين وزيغ الزائغين وقوله تعالى :﴿ وأعرض عن المشركين ﴾ قيل : المراد منه في الحال لا الدوام وإذا كان كذلك لم يكن النسخ وقيل : المراد ترك مقالتهم فعلى هذا يكون الأمر بالإعراض منسوخة بآية القتال. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٢ صـ ﴾
وقال أبو السعود :
﴿ اتبع مَا أُوحِىَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ ﴾
لما حُكي عن المشركين قدحُهم في تصريف الآياتِ عُقِّب ذلك بأمره عليه السلام بالثبات على ما هو عليه وبعدم الاعتدادِ بهم وبأباطيلهم، أي دُمْ على ما أنت عليه من اتباع ما أوحي إليك من الشرائع والأحكامِ التي عُمدتُها التوحيدُ، وفي التعرّض لعنوان الربوبيةِ مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام من إظهار اللطفِ به ما لا يخفى، وقوله تعالى :﴿ لاَ إله إِلاَّ هُوَ ﴾ اعتراضٌ بين الأمرين المتعاطفَين مؤكِّدٌ لإيجاب اتباعِ الوحي لا سيما في أمر التوحيدِ، وقد جُوز أن يكون حالاً من ربك أي منفرداً في الألوهية ﴿ وَأَعْرِضْ عَنِ المشركين ﴾ لا تحتفِلْ بهم وبأقاويلهم الباطلةِ التي من جملتها ما حُكي عنهم آنفاً. ومن جعله منسوخاً بآية السيفِ حَمل الإعراضَ على ما يعُمّ الكفَّ عنهم. أ هـ ﴿تفسير أبى السعود حـ ٣ صـ ﴾