وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ قَدْ جَآءَكُمْ بَصَآئِرُ مِن رَّبِّكُمْ ﴾
أي آيات وبراهين يُبْصَر بها ويُستدَلّ ؛ جمع بصيرة وهي الدّلالة.
قال الشاعر :
جاءوا بصائرهُم على أكتافهم...
وبصيرتي يَعْدُو بها عَتَدٌ وَآي
يعني بالبصيرة الحجة البينة الظاهرة.
ووصف الدلالة بالمجيء لتفخيم شأنها ؛ إذ كانت بمنزلة الغائب المتوقع حضوره للنفس ؛ كما يقال : جاءت العافية وقد انصرف المرض، وأقبل السعود وأدبر النحوس. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ قد جاءكم بصائر من ربكم ﴾
هذا وارد على لسان الرسول لقوله آخره ﴿ وما أنا عليكم بحفيظ ﴾ والبصيرة نور القلب الذي يستبصر به كما أن البصر نور العين الذي به تبصرأي جاءكم من الوحي والتنبيه بما يجوز على الله تعالى وما لا يجوز ما هو للقلوب كالبصائر قاله الزمخشري، وقال ابن عطية : البصيرة هي ما ينقب عن تحصيل العقل للأشياء المنظور فيها بالاعتبار فكأنه قال : قد جاءكم في القرآن والآيات طرائق إبصار الحق والمعينة عليه والبصيرة للقلب مستعارة من إبصار العين، وقال الحوفي : البصيرة الحجة البينة الظاهرة كما قال تعالى :﴿ ادعوا إلى الله على بصيرة ﴾ ﴿ بل الإنسان على نفسه بصيرة ﴾ وقال الكلبي : البصائر آيات القرآن التي فيها الإيضاح والبينات والتنبيه على ما يجوز عليه وعلى ما يستحيل وإسناد المجيء إلى البصائر مجاز لتفخيم شأنها إذا كانت بمنزلة الغائب المتوقع حضوره كما يقال جاءت العافية. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٤ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ قد جاءكم بصائر من ربكم ﴾
البصائر : جمع البصيرة، وهي الدلالة التي توجب البصر بالشيء والعلم به.
والمعنى : قد جاءكم القرآن الذي فيه البيان والحجج التي تبصرون بها الهدى من الضلالة والحق من الباطل.