(وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) أَيْ وَهُوَ اللَّطِيفُ بِذَاتِهِ، الْبَاطِنُ فِي غَيْبِ وَجُودِهِ بِحَيْثُ تَخْسَأُ الْأَبْصَارُ دُونَ إِدْرَاكِ حَقِيقَتِهِ، عَلَى أَنَّهُ الظَّاهِرُ بِآيَاتِهِ الَّتِي تَعْرِفُهُ بِهَا الْعُقُولُ بِطَرِيقِ الْبُرْهَانِ، الظَّاهِرُ فِي مَجَالِ رُبُوبِيَّتِهِ لِأَهْلِ الْعِرْفَانِ، بِتَجَلِّيَاتِهِ الَّتِي تَكْمُلُ فِي الْآخِرَةِ فَيَكُونُ الْعِلْمُ بِهِ رُؤْيَةَ عَيَانٍ، وَهُوَ فِي كُلٍّ مِنْ بُطُونِهِ وُظُهُورِهِ مُنَزَّهٌ عَنْ مُشَابَهَةِ الْخَلْقِ فَتَعَالَى اللهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ وَهُوَ الْخَبِيرُ بِدَقَائِقِ الْأَشْيَاءِ وَلَطَائِفِهَا، بِحَيْثُ لَا يَعْزُبُ عَنْ إِدْرَاكِهِ أَلْطَفُ أَرْوَاحِهَا وَقُوَاهَا وَلَا أَدَقُّ جَوَاهِرِهَا وَأَعْرَاضِهَا، فَفِي الْآيَةِ لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ.
اللَّطِيفُ مِنَ الْأَجْرَامِ ضِدُّ الْكَثِيفِ وَالْغَلِيظِ فَيُطْلَقُ عَلَى الدَّقِيقِ مِنْهَا وَالرَّقِيقِ، وَاللَّطِيفُ مِنَ الطِّبَاعِ ضِدُّ الْجَافِي، قَالَ فِي اللِّسَانِ : وَاللَّطِيفُ مِنَ الْأَجْرَامِ وَالْكَلَامِ مَالَا خَفَاءَ فِيهِ، وَجَارِيَةٌ لَطِيفَةٌ ضِدُّ الْجَافِيَةِ، قَالَ فِي اللِّسَانِ : وَاللَّطِيفُ مِنَ الْأَجْرَامِ وَمِنَ الْكَلَامِ.
مَا لَا خَفَاءَ فِيهِ وَجَارِيَةٌ لَطِيفَةُ الْخَصْرِ إِذَا كَانَتْ ضَامِرَةَ الْبَطْنِ، وَاللَّطِيفُ مِنَ الْكَلَامِ مَا غَمُضَ مَعْنَاهُ وَخَفِيَ، وَاللُّطْفُ فِي الْعَمَلِ الرِّفْقُ فِيهِ انْتَهَى، وَكَذَا اللُّطْفُ فِي الْمُعَامَلَةِ هُوَ الرِّفْقُ الَّذِي لَا يَثْقُلُ مِنْهُ شَيْءٌ، وَيُسْتَعْمَلُ فِعْلُهُ


الصفحة التالية
Icon