وقيل : ونقلب في الدنيا ؛ أي نحول بينهم وبين الإيمان لو جاءتهم تلك الآية، كما حُلنا بينهم وبين الإيمان أوّل مرة ؛ لمّا دعوتَهم وأظهرتَ المعجزة.
وفي التنزيل :﴿ وَاعْلَمُواْ أَنَّ الله يَحُولُ بَيْنَ المرء وَقَلْبِهِ ﴾ [ الأنفال : ٢٤ ].
والمعنى : كان ينبغي أن يؤمنوا إذا جاءتهم الآية فرأوها بأبصارهم وعرفوها بقلوبهم ؛ فإذا لم يؤمنوا كان ذلك بتقليب الله قلوبَهم وأبصارهم.
﴿ كَمَا لَمْ يُؤْمِنُواْ بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ ﴾ ودخلت الكاف على محذوف، أي فلا يؤمنون كما لم يؤمنوا به أوّل مرة ؛ أي أوّل مرة أتتهم الآيات التي عجزوا عن معارضتها مثل القرآن وغيره.
وقيل : ونقلِّب أفئدة هؤلاء كيلا يؤمنوا ؛ كما لم تؤمن كفار الأممِ السالفة لما رأوا ما اقترحوا من الآيات.
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير ؛ أي أنها إذا جاءت لا يؤمنون كما لم يؤمنوا أوّل مرة ونقلّب أفئدتهم وأبصارهم.
﴿ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ يتحيرون.
وقد مضى في "البقرة". أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال الخازن :
قوله تعالى :﴿ ونقلب أفئدتهم وأبصارهم ﴾
قال ابن عباس : يعني ونحول بينهم وبين الإيمان فلو جئناهم بالآيات التي سألوها لما آمنوا بها.
والتقليب هو تحويل الشيء وتحريكه عن وجهه إلى وجه آخر لأن الله تعالى إذا صرف القلوب والأبصار عن الإيمان بقيت على الكفر ﴿ كما لم يؤمنوا به أول مرة ﴾ يعني كما لم يؤمنوا بما قبل ذلك من الآيات التي جاء بها رسول الله ﷺ مثل انشقاق القمر وغير ذلك من المعجزات الباهرات، وقيل : أول مرة يعني الآيات التي جاء بها موسى وغيره من الأنبياء.