كَثِيرًا مِنَ الْمُخْتَلِفِينَ فِي الدِّينِ وَالْمَذْهَبِ، يَسُبُّ نَصْرَانِيٌّ نَبِيَّ الْمُسْلِمِ فَيَسُبُّ الْمُسْلِمُ نَبِيَّهُ وَيُرِيدُ عِيسَى :(عَلَيْهِمَا الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ) وَيَسُبُّ شِيعِيٌّ - يُلَاحِي سُنِّيًّا وَيُمَارِيهِ - أَبَا بَكْرٍ فَيَسُبُّ عَلِيًّا (رِضَى اللهِ عَنْهُمَا) وَالْأَوَّلُ يَعْلَمُ أَنَّ سَبَّ عِيسَى كُفْرٌ ; كَسَبِّ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَالثَّانِي يَعْلَمُ أَنَّ سَبَّ عَلَيٍّ فِسْقٌ ; كَسَبِّ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَمِثْلُ هَذَا يَقَعُ كَثِيرًا، بَلْ كَثِيرًا مَا يَتَسَابُّ أَخَوَانِ مِنْ أَهْلِ دِينٍ وَاحِدٍ يَسُبُّ أَحَدُهُمَا أَبَا الْآخَرِ أَوْ مَعْبُودَهُ فَيُقَابِلُهُ بِمِثْلِ سَبِّهِ، يَغِيظُهُ بِسَبِّ أَبِيهِ مُضَافًا إِلَيْهِ وَيَعُدُّهُ إِهَانَةً لَهُ، فَيَسُبُّهُ مُضَافًا إِلَى أَخِيهِ إِهَانَةً لِأَخِيهِ.
وَهَذَا كُلُّهُ مِنْ حُبِّ الذَّاتِ وَالْجَهْلِ الْحَامِلِ عَلَى الْمُعَاقَبَةِ عَلَى الْجَرِيمَةِ بِارْتِكَابِهَا عَيْنِهَا، يُهِينُ وَالِدَهُ الْمُعَظَّمَ عِنْدَهُ وَمَعْبُودَهُ الَّذِي هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ احْتِمَاءً لِنَفْسِهِ وَعَصَبِيَّةً لَهَا. وَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو مَرْفُوعًا :" مِنَ الْكَبَائِرِ شَتْمُ الرَّجُلِ وَالِدَيْهِ " قَالُوا : يَا رَسُولَ اللهِ، وَهَلْ يَشْتُمُ الرَّجُلُ وَالِدَيْهِ ؟ قَالَ :" يَسُبُّ أَبَا الرَّجُلِ فَيَسُبُّ أَبَاهُ وَيَسُبُّ أُمَّهُ فَيَسُبُّ أُمَّهُ ".


الصفحة التالية
Icon