قالوا : وشياطين الإنس أشد تمرداً من شياطين الجن لأن شيطان الجن إذا عجز عن إغواء المؤمن الصالح وأعياه ذلك استعان على إغوائه بشيطان الإنس ليفتنه، ويدل على صحة هذا القول ما روي عن أبي ذر قال : قال رسول الله ﷺ " هل تعوذب بالله من شيطان الجن والإنس قلت يا رسول الله وهل للإنس من شيطان؟ قال نعم هم شر من شياطين الجن " ذكره البغوي بغير سند وأسنده الطبري.
وقال مالك بن دينار : إن شيطان الإنس أشد عليّ من شيطان الجن وذلك أني إذا تعوذت بالله ذهب شيطان الجن وشيطان الإنس يجيئني فيجرني إلى المعاصي.
القول الثاني : إن الجميع من ولد إبليس وأضيف الشياطين إلى الإنس على معنى أنهم يغوونهم، وهذا قول عكرمة والضحاك والكلبي والسدي.
ورواية عن ابن عباس قالوا : والمراد بشياطين الإنس التي مع الإنس وبشياطين الجن التي مع الجن وذلك أن إبليس قسم جنده قسمين فبعث فريقاً منهم إلى الجن وفريقاً إلى الإنس فالفريقان شياطين الجن والإنس بمعنى أنهم يغوونهم ويضلّونهم وكلا الفريقين أعداء للنبي ﷺ ولأولياءه من المؤمنين والصالحين.
ومن ذهب إلى هذا القول قال : يدل على صحته أن لفظ الآية يقتضي إضافة الشياطين إلى الإنس والجن والإضافة تقتضي المغايرة فعلى هذا يكون في الشياطين نوع مغاير للإنس والجن وهم أولاد إبليس.
وقوله تعالى :﴿ يوحي بعضهم إلى بعض ﴾ يعني يلقي ويسرّ بعضهم إلى بعض ويناجي بعضهم بعضاً وهو الوسوسة التي يلقيها إلى من يريد إغوائه، فعلى القول الأول : إن شياطين الإنس والجن يسر بعضهم إلى بعض ما يفتنون به المؤمنين والصالحين، وعلى القول الثاني : إن أولاد إبليس يلقى بعضهم بعضاً في كل حين فيقول شيطان الإنس لشيطان الجن أضللت صاحبي بكذا وكذا فأضلَّ أنت صاحبك بمثله ويقول شيطان الجن لشيطان الإنس كذلك فذلك وحي بعضهم إلى بعض.


الصفحة التالية
Icon