والَّذين لا يؤمنون بالآخرة هم المشركون.
وخصّ من صفات المشركين عدمُ إيمانهم بالآخرة، فعُرّفوا بهذه الصّلة للإيماء إلى بعض آثار وحي الشّياطين لهم.
وهذا الوصف أكبر ما أضرّ بهم، إذ كانوا بسببه لا يتوخّون فيما يصنعون خشية العاقبة وطلَبَ الخير، بل يتَّبعون أهواءهم وما يُزيَّن لهم من شهواتهم، معرضين عمّا في خلال ذلك من المفاسد والكفرِ، إذ لا يترقَّبون جزاء عن الخير والشرّ، فلذلك تصغى عقولهم إلى غرور الشَّياطين.
ولا تصغَى إلى دعوة النَّبيء ﷺ والصّالحين.
وعطف ﴿ وليرضوه ﴾ على ﴿ ولتصغى ﴾، وإن كان الصّغْي يقتضي الرّضى ويسبّبه فكان مقتضى الظاهر أن يعطف بالفاء وأن لا تكرّر لام التّعليل، فخولف مقتضى الظاهر، للدلالة على استقلاله بالتّعليل، فعطف بالواو وأعيدت اللاّم لتأكيد الاستقلال، فيدل على أن صَغى أفئدتهم إليه ما كان يكفي لعملهم به إلاّ لأنَّهم رَضُوه. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾
فصل
قال الفخر :
زعم أصحابنا أن البنية ليست مشروطاً للحياة، فالحي هو الجزء الذي قامت به الحياة، والعالم هو الجزء الذي قام به العلم، وقالت المعتزلة : الحي والعالم هو الجملة "لا" ذلك الجزء.
إذا عرفت هذا فنقول : احتج أصحابنا بهذه الآية على صحة قولهم، لأنه قال تعالى :﴿وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ فجعل الموصوف بالميل والرغبة هو القلب، لا جملة الحي، وذلك يدل على قولنا.
فائدة :
الذين قالوا الإنسان شيء مغاير للبدن اختلفوا.
منهم من قال : المتعلق الأول هو القلب، وبواسطته تتعلق النفس بسائر الأعضاء كالدماغ والكبد.