وقال السمرقندى :
﴿ أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِى حَكَماً ﴾ يعني : أعْبُدُ غير الله؟ ويقال : أأطلب القضاء من غير الله؟ ﴿ وَهُوَ الذى أَنَزَلَ إِلَيْكُمُ الكتاب مُفَصَّلاً ﴾ يعني : مبيناً فيه أمره ونهيه بلغة يعرفونها.
ويقال : مفرقاً سورة سورة وآية آية. أ هـ ﴿بحر العلوم حـ ١ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ أَفَغَيْرَ الله أَبْتَغِي حَكَماً ﴾
"غير" نصب ب"أبتغى".
"حَكَماً" نصب على البيان، وإن شئت على الحال.
والمعنى : أفغير الله أطلب لكم حاكماً وهو الذي كفاكم مئونة المسألة في الآيات بما أنزله إليكم من الكتاب المفصّل، أي المبين.
ثم قيل : الحَكَم أبلغ من الحاكم ؛ إذ لا يستحق التسمية بحَكَم إلا من يحكم بالحق، لأنها صفة تعظيم في مدح.
والحاكم صفة جارية على الفعل، فقد يُسَمَّى بها من يحكم بغير الحق. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾
وقال أبو حيان :
﴿ أفغير الله أبتغي حكماً وهو الذي أنزل إليكم الكتاب مفصلاً ﴾
قال مشركو قريش للرسول : اجعل بيننا وبينك حكماً من أحبار اليهود، وإن شئت من أساقفة النصارى، ليخبرنا عنك بما في كتابهم من أمرك فنزلت.
ووجه نظمها بما قبلها أنه لما حكى حلف الكفار وأجاب بأنه لا فائدة في إظهار الآيات المقترحة لهم أنهم لا يبقون مصرين على الكفر بين الدليل على نبوته بإنزال القرآن عليه، وقد عجز الخلق عن معارضته وحكم فيه بنبوته، وباشتمال التوراة والإنجيل على أنه رسول حق، وأن القرآن كتاب من عند الله حق.
ووجه آخر وهو أنه لما ذكر العداوة وتهددهم قالوا ما ذكرناه في سبب النزول.
وكان من عادتهم إذا التبس عليهم أمر واختلفوا فيه جعلوا بينهم كاهناً حكماً فأمره الله أن يقول :﴿ أفغير الله أبتغي حكماً ﴾ وهذا استفهام معناه النفي أي لا أبتغي حكماً غير الله.
قال الكرماني : والحكم أبلغ من الحاكم لأنه من عرف منه الحكم مرة بعد أخرى، والحاكم اسم فاعل يصدق على المرة الواحدة.