قال القاضي أبو محمد : وهذا عندي بعيد معترض، وإنما القصد العبارة عن نفوذ قوله تعالى :﴿ صدقاً ﴾ فيما تضمنه من خبر ﴿ وعدلاً ﴾ فيما تضمنه من حكم، هما مصدران في موضع الحال، قال الطبري نصباً على التمييز وهذا غير صواب، و﴿ لا مبدل لكلماته ﴾ معناه في معانيها بأن يبين أحد أن خبره بخلاف ما أخبر به أو يبين أن أمره لا ينفذ، والمثال من هذا أن الله تعالى قال لنبيه عليه السلام ﴿ فإن رجعك الله إلى طائفة منهم فاستأذنوك للخروج ﴾ [ التوبة : ٨٣ ] إلى الخالفين، فقال المنافقون بعد ذلك للنبي عليه السلام وللمؤمنين ذرونا نتبعكم فقال الله لنبيه :﴿ يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل ﴾ [ الفتح : ١٥ ] أو في قوله ﴿ فقل لن تخرجوا معي أبداً ﴾ [ التوبة : ٨٣ ] لأن مضمنه الخبر بأن لا يباح لهم خروج، وأما الألفاظ فقد بدلتها بنو إسرائيل وغيرتها، هذا مذهب جماعة من العلماء، وروي عن ابن عباس أنهم إنما بدلوا بالتأويل والأول أرجح، وفي حرف أبي بن كعب، " لا مبدل لكلمات الله ". أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٢ صـ ﴾
وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ ﴾
قراءة أهل الكوفة بالتوحيد، والباقون بالجمع.
قال ابن عباس : مواعيد ربك، فلا مغيّر لها.
والكلمات ترجع إلى العبارات أو إلى المتعلقات من الوعد والوعيد وغيرهما.
قال قتادة : الكلمات هي القرآن لا مبدل له، لا يزيد فيه المفترون ولا ينقصون.
﴿ صِدْقاً وَعَدْلاً ﴾ أي فيما وعد وحكم، لا رادّ لقضائه ولا خُلْف في وعده.
وحكى الرّمّاني عن قتادة : لا مبدلّ لها فيما حكم به، أي إنه وإن أمكنه التغيير والتبديل في الألفاظ كما غيّر أهل الكتاب التوراةَ والإنجيل فإنه لا يعتدّ بذلك.
ودلّت الآية على وجوب اتباع دلالات القرآن ؛ لأنه حق لا يمكن تبديله بما يناقضه، لأنه من عند حكيم لا يخفى عليه شيء من الأمور كلها. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٧ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon