وقال الآلوسى :
و﴿ مَا كَانُواْ ﴾ الخ جواب لو وهو إذا كان منفياً لا تدخله اللام خلافاً لمن وهم فقدرها.
وعلل هذا الحكم بسوء استعدادهم الثابت أزلاً في علم الله تعالى المتعلق بالأشياء حسبما هي عليه في نفس الأمر وعلله البعض بسبق القضاء عليهم بالكفر.
واعترض عليه بعض الأفاضل بأن فيه تعليل الحوادث بالتقدير الأزلي ولايخفى فساده، وعلله ببطلان استعدادهم وتبدل فطرتهم القابلة بسوء اختيارهم، وتبعه في ذلك شيخ الإسلام وعلله بتماديهم في العصيان وغلوهم وتمردهم في الطغيان معترضاً على ما ذكر بأنه من الأحكام المترتبة على التمادي المذكور حسبما ينبىء عنه قوله تعالى :﴿ وَنَذَرُهُمْ فِى طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [ الأنعام : ١١٠ ] وتعقب ذلك الشهاب قائلاً : إنه ليس بشيء لأن ما ذكر على مذهب الأشعري القائل بأنه لا تأثير لاختيار العبد وإن قارن الفعل عنده، ولا يلزم الجبر كما يتوهم على ما حققه أهل الأصول.
ولا خفاء في كون القضاء الأزلي سبباً لوقوع الحوادث ولا فساد فيه، وأما سوء اختيار العبد فسبب للقضاء الأزلي، وتحقيقه كما قيل أن سوء الاختيار وإن كان كافياً في عدم وقوع الإيمان لكنه لا قطع فيه لجواز أن يحسن الإختيار بصرفه إلى الإيمان بدل صرفه إلى الكفر فكان سوء اختياره فيما لا يزال سبباً للقضاء بكفره في الأزل فبعد القضاء يكون الواقع منه الكفر حتماً كما قال سبحانه ﴿ وَلَوْ شِئْنَا لآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا ﴾ [ السجدة : ١٣ ] انتهى.


الصفحة التالية
Icon