أولا : أن العبد لو لم يكن خالقا لأفعاله، وأن اللّه سبحانه وتعالى هو الذي خلقها، وأضافها إلى الإنسان، ثم عذّبه عليها ـ مع أنه لم يفعلها ـ لكان ظالما له، والظلم نقصان، لا يليق باللّه الموصوف بالكمال المطلق.
وكيف يفعل اللّه شيئا، ثم يلوم الإنسان عليه، ويقول له : كيف فعلته ؟
ولم فعلته ؟ وهو لم يكن له كيف، ولا فعل ؟
إن اللّه عادل، وعدله يقضى بأن يحاسب العبد على ما فعل..
وإذن، فأفعال العبد مخلوقة له، ومحسوبة عليه..
وثانيا : أوجب القدريّة على اللّه أن يثيب الطائعين، كى لا يظلمهم، فإن الظلم نقصان لا يليق بربّ الأرباب! هذه هى حجة أو حجج من يقولون إن للعبد إرادة خالقة، مع إرادة الخالق..
القول بألا إرادة للعبد مع إرادة الرب وأهل السنة، هم أصحاب هذا القول.. وقد بنوه على أمرين كذلك :
أولا : أن كمال الإله هو فى التفرد بكل شىء.. ونفى القدرة عيب، ونقصان.. والكمال يقتضى أن يكون كل شىء خاضعا لقدرة اللّه، جاريا على ما تقضى به حكمته ومشيئته..
وثانيا : إثابة المحسن، ليس لإحسانه وحده، وإنما ذلك من فضل اللّه عليه. وتعذيب من يعذبهم اللّه، ليس لذنوبهم وحدها، وإنما ذلك لحكمة يعلمها اللّه، وحسب نظام قدّره، وليس فى هذا ظلم.. لأن الظلم إنما ينسب لمن يتصرف فى غير ملكه، واللّه سبحانه إنما يتصرف فيما خلق..
وأهل السّنة ـ مع هذا ـ لا ينفون إرادة العبد أصلا، كما سنرى بعد، ولكن يرونها إرادة خاضعة لإرادة اللّه، جارية على تقديرها..
وهناك فريق ثالث ـ وهم الجبرية ـ لا يرون للعبد إرادة مطلقا، فيقولون