لطيفة
قال فى البحر المديد :
الإشارة : كما جعل الله لكل نبي عدوًا من شياطين الإنس والجن ؛ جعل للأولياء كذلك ؛ تحويشًا لهم إليه، وتطهيرًا لهم من البقايا ليصلحوا لحضرته، قال في الحِكَم :" إنما أجرى الأذى عليهم كي لا تكون ساكنًا إليهم، أراد أن يُزعجك عن كل شيء حتى لا يشغلك عنه شيء ". وقال في لطائف المنن : اعلم أن أولياء الله حكمهم في بدايتهم أن يُسلط الخلق عليهم ليطهروا من البقايا، وتكمل فيهم المزايا، كي لا يساكنوا هذا الخلق باعتماد، أو يميلوا إليهم باستناد، ومن آذاك فقد أعتقك من رزق إحسانه، ومن أحسن إليك فقد استرقك بوجود امتنانه، ولذلك قال ﷺ :" من أسدى إليكم نعمًا فكافئوه، فإن لم تقدروا فادعوا له " كل ذلك ليتخلص القلب من رق إحسان الخلق، ويتعلق بالملك الحق. أ هـ
وقال الشيخ أبو الحسن رضي الله عنه : آذاني إنسانٌ فضقت به ذرعًا، فرأيتُ يُقال لي : مِن علامة الصديقية كثرةُ أعدائها ثم لا يبالي بهم. وقال بعضهم : الصيحة من العدو، سَوطٌ من الله يزجرُ بها القلوب إذا ساكنت غيره، وإلا رقد القلب في ظل العز والجاه، وهو حجاب عن الله تعالى عظيم. ه.
وقال شيخ شيوخنا سيدي على الجمل رضي الله عنه :( عداوة العدو حقًا : اشتغالك بمحبة الحبيب حقًا، وأما إذا اشتغلت بعداوة العدو نال مراده منك، وفاتتك محبة الحبيب ). وقال بعض أشياخ الشعراني في بعض وصاياه له : لا تشتغل قط بمن يؤذيك، واشتغل بالله يرده عنك ؛ فإنه هو الذي حركه عليك ؛ ليختبر دعواك في الصدق، وقد غلط في هذا الأمر خلق كثير، فاشتغلوا بأذى من آذاهم، فدام الآذى مع الإثم، ولو أنهم رجعوا إلى الله لردهم عنهم وكفاهم أمرهم. أ هـ


الصفحة التالية
Icon