قال أبو البقاء :" ما " في مَوْضِع نَصْبٍ على الاسْتِثْنَاء من الجِنْس من طريق المَعْنى ؛ لأنه وبِّخَهُم بترك الأكل مِمَّا سُمِّي عليه، وذلك يَتَضَمّن الإباحة مُطْلَقاً.
قال شهاب الدِّين : الأوَّل أوْضَح والاتِّصال قلق المَعْنَى، ثم قال :" وقوله :" وقد فصَّل لَكُم ما حرَّم عليكم " أي : في حَالِ الاخْتِيَار، وذلك حلالٌ حال الاضْطِرارِ ".
قوله :" وإنَّ كَثِيراً لَيُضِلُّون " قرأ الكوفيُّون بضمِّ الياء، وكذا الَّتِي في يُونس :﴿ رَبَّنَا لِيُضِلُّواْ ﴾ [ الآية : ٨٨ ] والباقون : بالفَتْح، وسيأتي لذلك نَظَائِر في إبْراهيم وغيرها، والقراءتان واضِحَتَان ؛ فإنه يٌقال : ضلَّ في نَفْسَه، وأضَلَّ غيره، فالمَفْعُول مَحْذُوف على قراءة الكُوفيين : وهي أبْلَغ في الذَّمِّ، فإنها تتضَّمن قُبْحَ فِعْلِهم، حَيْث ضلوا في أنْفُسِهِم، وأضَلُّوا غيرهم ؛ كقوله - تعالى - :﴿ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَآءِ السبيل ﴾ [ المائدة : ٧٧ ].
قيل المُراد بِه : عمرو بن لُحَيّ فمن دُونه من المشركين الَّذين اتخذوا البَحَائِر والسَّوَائِب وقراءة الفَتح لا تُحوِجُ إلى حذف، فرجَّحها بَعْضُهم بهذا وأيضاً : فإنهم أجْمَعُوا على الفَتْح في " ص " عند قوله :﴿ إِنَّ الذين يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ الله ﴾ [ ٢٦ ].
وقوله :" بِأهْوَائِهِم " متعلِّق بـ " يَضِلُّونَ " والباءُ سَبَبيَّة، أي : اتِّباعهم أهْواءَهم، وشهواتهم.
وقوله :" بغير عِلْم " متعلِّق بِمَحْذُوف، لأنه حالٌ، أي : يَضِلُّون مُصَاحِبِين للجَهْلِ أي : مُلْتَبِسين بغير علمٍ. أ هـ ﴿تفسير ابن عادل حـ ٨ صـ ٤٠٠ ـ ٤٠٢﴾. باختصار.


الصفحة التالية
Icon