لقد نزل هذا الكتاب ليحكم بالعدل بين الناس فيما اختلفوا فيه، ولتتمثل فيه حاكمية الله وألوهيته. ثم لقد نزل هذا الكتاب مفصلا، محتويا على المبادئ الأساسية التي يقوم عليها نظام الحياة جملة. كما أنه تضمن أحكاماً تفصيلية في المسائل التي يريد الله تثبيتها في المجتمع الإنساني مهما اختلفت مستوياته الاقتصادية والعلمية والواقعية جملة.. وبهذا وذلك كان في هذا الكتاب غناء عن تحكيم غير الله في شأن من شؤون الحياة.. هذا ما يقرره الله - سبحانه - عن كتابه. فمن شاء أن يقول : إن البشرية في طور من أطوارها لا تجد في هذا الكتاب حاجتها فليقل.
. ولكن ليقل معه.. إنه - والعياذ بالله - كافر بهذا الدين، مكذب بقول رب العالمين!
ثم إن هناك مِن حولهم ملابسة أخرى تجعل ابتغاء غير الله حكما في شأن من الشؤون أمراً مستنكرا غريبا.. إن الذين أوتوا الكتاب من قبل يعلمون أن هذا الكتاب منزل من عند الله، وهم أعرف بالكتاب لأنهم من أهل الكتاب :
﴿ والذين آتيناهم الكتاب يعلمون أنه منزل من ربك بالحق ﴾..
ولقد كانت هذه ملابسة حاضرة في مكة وفي الجزيرة، يخاطب الله بها المشركين.. سواء أقر أهل الكتاب بها وجهروا - كما وقع من بعضهم مّمن شرح الله صدره للإسلام - أو كتموها وجحدوها - كما وقع من بعضهم - فالأمر في الحالين واحد ؛ وهو إخبار الله سبحانه - وخبره هو الصدق - أن أهل الكتاب يعلمون أنه منزل من ربه بالحق.. فالحق محتواه ؛ كما أن الحق متلبس بتنزيله من الله..


الصفحة التالية
Icon