والمقام الثالث : وهو أن نقول : هب أن هذا الدليل يوجب الحرمة إلا أن سائر الدلائل المذكورة في هذه المسألة توجب الحل، ومتى تعارضت وجب أن يكون الراجح هو الحل، لأن الأصل في المأكولات الحل، وأيضاً يدل عليه جميع العمومات المقتضية لحل الأكل والانتفاع كقوله تعالى :﴿خَلَقَ لَكُم مَّا فِى الأرض جَمِيعاً﴾ [ البقرة : ٢٩ ] وقوله :﴿كُلُواْ واشربوا﴾ [ البقرة : ٦٠ ] لأنه مستطاب بحسب الحس فوجب أن يحل لقوله تعالى :﴿أُحِلَّ لَكُمُ الطيبات﴾ [ المائدة : ٤ ] ولأنه مال لأن الطبع يميل إليه، فوجب أن لا يحرم لما روي عن النبي ﷺ أنه نهى عن إضاعة المال، فهذا تقرير الكلام في هذه المسألة ومع ذلك فنقول : الأولى بالمسلم أن يحترز عنه لأن ظاهر هذا النص قوي.
فائدة :
الضمير في قوله :﴿وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ﴾ إلى ماذا يعود ؟ فيه قولان : الأول : أن قوله ﴿لاَ تَأْكُلُواْ﴾ يدل على الأكل، لأن الفعل يدل على المصدر، فهذا الضمير عائد إلى هذا المصدر.
والثاني : كأنه جعل ما لم يذكر اسم الله عليه في نفسه فسقاً، على سبيل المبالغة. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٣٨ ـ ١٣٩﴾. بتصرف يسير.


الصفحة التالية
Icon