وعن عطاء وطاوس أنهما استدلا بظاهرها على أن متروك التسمية حيواناً كان أو غيره حرام، وسبب النزول يؤيد خلاف ذلك كما علمت والاحتياط لا يخفى. أ هـ ﴿روح المعانى حـ ٨ صـ ﴾
وقال ابن عاشور :
جملة :﴿ ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ﴾ معطوفة على جملة :﴿ فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه ﴾ [ الأنعام : ١١٨ ].
و( ما ) في قوله :﴿ مما لم يذكر اسم الله عليه ﴾ موصولة، وما صْدق الموصول هنا : ذَكِيَ، بقرينة السّابق الّذي ما صْدقه ذلك بقرينة المقام.
ولمّا كانت الآية السّابقة قد أفادت إباحة أكل ما ذكر اسمُ الله عليه، وأفهمت النّهيَ عمَّا لم يذكر اسم الله عليه، وهو الميتة، وتَمّ الحكم في شأن أكل الميتة والتفرقةُ بينها وبين ما ذُكّي وذُكر اسم الله عليه، ففي هذه الآية أفيد النّهي والتّحذير من أكل ما ذُكر اسم غيرِ الله عليه.
فمعنى :﴿ لم يذكر اسم الله عليه ﴾ : أنَّه تُرِك ذكر اسم الله عليه قصداً وتجنّبا لذكره عليه، ولا يكون ذلك إلاّ لقصد أن لا يكون الذّبح لله، وهو يساوي كونه لغير الله، إذ لا واسطة عندهم في الذكاة بين أن يذكروا اسم الله أو يذكروا اسم غير الله، كما تقدّم بيانه عند قوله :﴿ فكلوا ممّا ذكر اسم الله عليه ﴾ [ الأنعام : ١١٨ ].
وممّا يرشّح أنّ هذا هو المقصود قولُه هنا :﴿ وإنه لفسق ﴾ وقوله في الآية الآتية :﴿ أو فِسْقا أهِلّ لغير الله به ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ]، فعلم أنّ الموصوف بالفسق هنا : هو الّذي وصف به هنالك، وقيد هنالك بأنَّه أُهلّ لغير الله به، وبقرينة تعقيبه بقوله :﴿ وإن أطعتموهم إنكم لمشركون ﴾ لأنّ الشّرك إنَّما يكون بذكر أسماء الأصنام على المذكَّى، ولا يكون بترك التّسمية.