وقد جعلها الرّازي وجماعة : حالاً ﴿ مما لم يذكر اسم الله عليه ﴾ بناء على منع عطف الخبر على الإنشاء.
والضّمير في قوله :﴿ وإنه لفسق ﴾ يعود على ﴿ مما لم يذكر اسم الله عليه ﴾ والإخبار عنه بالمصدر وهو ﴿ فسق ﴾ مبالغة في وصف الفعل، وهو ذكرُ اسم غير الله، بالفسق حتّى تجاوز الفسق صفة الفعل أن صار صفة المفعول فهو من المصدر المراد به اسم المفعول : كالخَلق بمعنى المخلوق، وهذا نظير جعله فسقاً في قوله بعدُ:
﴿ أو فسقاً أهِلّ لغير الله به ﴾ [ الأنعام : ١٤٥ ].
والتّأكيد بإنّ : لزيادة التّقرير، وجعل في "الكشاف" الضّمير عائداً إلى الأكل المأخوذ من ﴿ ولا تأكلوا ﴾، أي وإنّ أكْلَه لفسق. أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ٧ صـ ﴾
قوله تعالى ﴿وَإِنَّ الشياطين لَيُوحُونَ إلى أَوْلِيَائِهِمْ ليجادلوكم﴾

فصل


قال الفخر :
فيه قولان :
الأول : أن المراد من الشياطين ههنا إبليس وجنوده، وسوسوا إلى أوليائهم من المشركين ليجادلوا محمداً ﷺ وأصحابه في أكل الميتة.
والثاني : قال عكرمة : وإن الشياطين، يعني مردة المجوس، ليوحون إلى أوليائهم من مشركي قريش، وذلك لأنه لما نزل تحريم الميتة سمعه المجوس من أهل فارس، فكتبوا إلى قريش وكانت بينهم مكاتبة، أن محمداً وأصحابه يزعمون أنهم يتبعون أمر الله، ثم يزعمون أن ما يذبحونه حلال وما يذبحه الله حرام.
فوقع في أنفس ناس من المسلمين من ذلك شيء، فأنزل الله تعالى هذه الآية.
ثم قال :﴿وَإِنْ أَطَعْتُمُوهُمْ﴾ يعني في استحلال الميتة ﴿إِنَّكُمْ لَمُشْرِكُونَ﴾ قال الزجاج : وفيه دليل على أن كل من أحلَّ شيئاً مما حرم الله تعالى، أو حرم شيئاً مما أحل الله تعالى فهو مشرك، وإنما سمي مشركاً لأنه أثبت حاكماً سوى الله تعالى، وهذا هو الشرك. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ١٣ صـ ١٣٩﴾


الصفحة التالية
Icon